يعتقد البعض أن أكثر ما يشغل الشارع العربي من المحيط إلى الخليج هو أخبار الثورات العربية.. وعواصف الفتن الطائفية وأصوات دوي طبول الحرب المحتملة أو التهديدات الأجنبية أو محاكمات الرئيس المخلوع أو الاقتصاد المتعثر أو غياب الحرية والديمقراطية وسقوط البرلمانات العربية في منحدرات النزاعات والخلافات والتصفيات الشخصية والحوارات الجانبية ودوران التهم بين الأشقاء وكأنهم الإخوة الأعداء! فهل صحيح هذا أكثر ما يشغل الشارع العربي في الوقت الراهن؟! الحقيقة «لا»، وهي إجابة مختصرة وواضحة لأن الشارع العربي تهزه أكثر وتشغله أكثر أخبار أخرى لا تسمن ولا تغني ولا تضيف ولا تفيد وفيها من السخف ما يندى له الجبين ومع ذلك تحقق انتشارا أكبر وتتناقلها الوسائل والوسائط الإعلامية في لمح البصر من مكان إلى مكان من ذلك مثلا ما تناقلته وسائل الإعلام الفضائية الورقية والإنترنتية عن الفتاة العربية التي خلعت ملابسها وتصورت عارية وغطت بعض القنوات العربية الحدث وكأنه أهم حدث ساخن تشهده الأمة العربية وروجت له حتى دخل كل بيت عربي باعتباره حدث الساعة! بل إن بعض القنوات الفضائية العربية الشهيرة صرحت أن عدد زوار صفحة الفتاة العارية زاد خمس مرات عن أكبر رقم حققه أي موقع سياسي أو فني أو أدبي في العالم العربي، وهذا يكفي دليلا يا سادة يا كرام على ما يهم الشارع العربي وعلى أن اهتماماته تنصب على مثل هذه الأمور الفاضحة! فلا شيء يزلزل الحس العربي مثل الفضائحيات!! وهي لها أثر عليه وتأثير صاخب أكثر من الأمور المصيرية التي تجوب أرضه من اليمين إلى الشمال ومن تحت إلى فوق!! واللافت للنظر أن الانكباب على مثل هذه الأخبار والالتفاف عليه وتناقلها.. لا يهدف إلى تصحيح الأخلاق وإعادة الفضيلة إلى عرينها المسلوب بدليل أن تلك التي كانت عارية وهي نكرة قد تصبح غدا نجمة دعاية وإعلان أو فنانة لا يشق لها صيت! فلم يعد الصوت.. من أساسيات الغناء!! وقد تكون مذيعة فضائية تقدم برنامجا وعظيا للمشاهدين عن الأدب في الحياة!! هذا إذا لم تطلبها القناة العربية التي روجت لها كي تكون مذيعتها الأولى!! كل ما هو مرتبط بالتفسخ والعري والإثارة والإبهار هو ما يجعل الرأس العربي يدور ويلف ويفر ويكر!! انظروا إلى أي مؤتمر أو لقاء بين المثقفين أو الفنانين أو الإعلاميين وهم النخب العربية البارزة.. تجدوا أن ما يشغلهم أكثر هو ما يجري تحت الطاولات! ولا يصيدون إلا أخبار ماذا فعل فلان وماذا فعلت فلانة! عالم فوقي همومه تحتية!! وأوضاع مؤسفة تغتال الفكر العربي الخلاق.. فحين تأتي الجوائز العالمية لن تجد فيها العربي الهمام إلا من رحم ربي ويكون قد بلغ من العمر عتيا!! ولا تسألوا عن السبب ما دام هذا هو الواقع المخزي!!. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة