ظهرت في الفضائيات صور سمك القرش الذي التهم امرأة تسبح في مياه شرم الشيخ، وآخر قضم رجل أخرى، وقيل في سبب قدومه للشاطئ هو رائحة لحوم خراف عفنة على الساحل، فهل عدم سمك القرش الطعام في البحر على كثرته أم هو جاء للرائحة النتنة الصادرة عن جيف بعض الخراف؟ وهل تعهد بعدم العودة إذا أزيلت أو أحرقت الجيف؟ وهل من المتصور أن توجد روائح بهذه الصورة في شاطئ يقصده السياح للراحة وشم الهواء العليل؟!. أيا كان سبب قدوم القرش فإنه قضى على حياة سائحة أجنبية كانت تسبح في الشاطئ بلباس السباحة العاري، وقضم رجل أخرى، فهل يوجد سمك قرش يفغر فاه لالتهام الأجساد العارية في الفضائيات العربية التي انتهكت كرامة المرأة في أنها ليست إلا جسداً مغرياً على الشاشات، لقد ضاق القرش بالعاريات في ساحل البحر، فهل سيضيق بالعاريات في الفضاء، أم أنه أنذر، وقد يخلق الله قرشاً فضائياً يجد لقمة في عري الفضائيات العربية. الفضائيات العربية تجاوزت المدى في التفنن في عرض النساء العاريات بل إن بعض مذيعات الأخبار يظهرن على أنهن عارضات أزياء أكثر منهن قارئات أخبار، ومن يشكك في ذلك فليشاهد الفضائيات الإخبارية غير العربية والفضائيات العربية، بل إن بعض من ارتدين الحجاب في الفضائيات العربية من عارضات أزياء لما فيه من تفنن في ألوانه وطريقة ارتدائه في حين أن قارئات الأخبار في الفضائيات ذات المهنية الإخبارية يرتدينه بشكل مناسب، وبلون واحد، لا بكل الألوان والخطوط، وشتان بين حجاب حياء وحجاب إغراء. بعض مذيعات اللقاءات يكشفن من أجسادهن ما لا يستدعيه اللقاء، حتى من الناحية المهنية قد يصرف التبذل الذي تظهرن فيه المتلقي عن متابعة اللقاء إلى مشاهدة مظهر الإغراء، هذا في الفضائيات الإخبارية أما فضائيات الفنون والدراما والموسيقى فقد بلغ السيل الزُبى بحيث صار عرض الأجساد هدفاً في ذاته. وإذا تجاوزنا عري الأجساد إلى عري الأفكار فهو هناك في حوارات برامج الرجال، حيث يحاصر المذيع من يحاوره ليضيق عليه خناق الأفكار - وبخاصة بالمقاطعة – ليحصره في ما يرغب أن يتجه إليه الحوار، أو يحاول استثارة المتحاورين ليكون الحوار كنقار الديكة، فلا فكرة وضحت، ولا مهنية في إدارة الحوار ظهرت، وهذا نوع من عري الحوار، فهل من سمك قرش يلتهم مثل هذه البرامج، وبخاصة التي تدار ممن لا يحسن الحوار، أو من يريد قسر المتحاورين على مسار يريده هو، وليس الوصول إلى المتلقي، فإن أعيته الحيلة أكثر من المقاطعة واستفزاز الضيف حتى يربك فكره فلا تتضح أفكاره. في الفضائيات العربية سباحة عارية في الأجسام والأفكار، فهل من سمك قرش يلتهمها كما التهم الأجساد العارية في شرم الشيخ؟ لقد ضاق الفضاء بتدمير القيم والأخلاق، كما ضاق بها البحر والبر، ويبدو أنه لا علاج إلا من قرش البحر ليريح العقول السليمة والأجسام الصحيحة من شرورها.