عرفت الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن صالح الشبيلي مؤخرا بعد انتظامي في حضور خميسية الشيخ حمد الجاسر منذ عشر سنوات، وإن كنت أراه وأقرأ له من قبل ذلك بسنين، لا تقل عن ثلاثة عقود مضت، أي منذ توليه إدارة التلفزيون في الرياض من عام 1391ه / 1971م، إذ كان يتولى إدارة وتقديم بعض البرامج المهمة والمقابلات الرسمية وغيرها. زرته في منزله أكثر من مرة لأستشيره في بعض الأعمال التي لها علاقة بالصحافة والإعلام لخبرته الواسعة، فوجدت منه كل ترحيب ومساندة، وتولى الإشراف والتقديم لعمل أعددته عن صحافة أبناء المملكة في الخارج في زمن التأسيس، ونشره مركز الشيخ حمد الجاسر الثقافي مؤخرا. دعوته لزيارة مكتبة الملك فهد الوطنية للمشاركة في برنامج التاريخ الشفهي للمملكة وتسجيل ذكرياته وسيرته الذاتية؛ فقبل دون تردد كغيره، وتجاوب، وحضر لأكثر من مرة. سافرت معه مرتين الأولى استضافني في عنيزة مسقط رأسه لحضور المهرجان الثقافي الثاني الذي نظمه مركز صالح بن صالح الثقافي، وذلك عام 1429ه ، حيث ألقى محاضرة عن الشيخ حمد الجاسر وعلاقته بعنيزة، والمرة الثانية التي سافرت معه فيها كانت ضمن اللجنة العلمية لمركز حمد الجاسر إلى بيروت في رحلة علمية، فكان نعم الرفيق في السفر والحضر، فهو بطبعه رقيق الحاشية مرهف الحس واضح العبارة دبلوماسي التعامل والحديث، لا يقاطع، ولا يناكف، يتكلم بقدر، وقت الجد تجده في منتهاه، ووقت المزح والهزل يشارك بقدر محدود وحتى الضحك تجده يبتسم بلا قهقهه، يدعو للمرح ولا يبالغ؛ مما يؤدي للخلاف بين الأخلاء. عرفته منظما دقيقا في مواعيده، مرجعا مهما لمن يستعين به بتحقيق معلومة غير متأكد منها، وبالذات فيما يتعلق بالإعلام والأعلام والسير الذاتية، لا يبخل بكتاب أو معلومة تطلب منه، فهو ذو علاقات واسعة مميزة، متحليا بالصدق والوفاء وحسن التعامل. وبحكم اهتمامي ببدايات بعض العلماء والرواد، وجمع أول مقال أو قصيدة كتبها؛ لأن في نيتي أن أعد كتابا عن (بداياتهم مع الكتابة)، فقد وجدت أن أستاذنا أبا طلال قد بدأ الكتابة منذ الصغر، فإذا عرفنا أنه من مواليد عام 1363ه فقد بدأها وعمره لا يتجاوز اثني عشر عاما، إذ نجد جريدة (أخبار الظهران) التي تصدر في الدمام ويرأسها أستاذنا عبد الكريم الجهيمان تكتب ضمن زاوية (من غير تطويل) في الصفحة الخامسة من عددها (31) ليوم الأحد الأول من شهر ربيع الثاني 1376ه الموافق 4 نوفمبر1956م: «عبد الرحمن الصالح الشبيلي عنيزة، نحن لا نقل عنك سرورا بإعادة إصدار (أخبار الظهران)، كما أن مما يضاعف سرورنا ما نلقاه منك ومن قرائنا الأعزاء من كلمات الإعجاب والتقدير ..». وعند سؤالنا الدكتور الشبيلي عن مناسبة توقف الجريدة والتي أشار إليها في خطابه لرئيس تحريرها الجهيمان .. قال: «إنه لا يتذكر. ولكنني عدت إلى أعداد الجريدة الموجودة لدي فوجدت فعلا العدد 29 قد صدر بتاريخ 5 رجب 1375ه الموافق 17 فبراير 1956م ولم يصدر العدد الذي يليه رقم 30 إلا بتاريخ 19 صفر 1376ه الموافق 25 سبتمبر 1956م. إذ إنها توقفت عن الصدور لأكثر من ستة أشهر، وسبق أن سألت رئيس تحريرها الأستاذ عبد الكريم الجهيمان عن سبب التوقف ؟ سألته بعد أن تجاوز التسعين من عمره المديد، فتعذر بنسيانه ولم يفدني عن السبب، إلا أنني قد تتبعت الأعداد الماضية فلم أجد إلا مقال (نصفنا الآخر) بتوقيع: الدمام م . البصير، في العدد 24 الصادر بتاريخ 1 جمادى الثانية 1375ه وهو يتحدث ويطالب بتعليم البنات، فقد يكون هو سبب التوقيف الأول لهذه الصحيفة، والغريب في الموضوع أننا نجد في العدد الثاني لاستئناف صدورها وهو العدد (31) الصادر بتاريخ 1 ربيع الثاني 1376ه وبه مقال آخر بعنوان :(لا تهيب .. ولا أوهام) بقلم ابن أحمد يؤيد المقال السابق حول تعليم البنات.. فهذا مما يستدعي الوقوف والتأكد والتدقيق من إعلامي متمكن كالدكتور الشبيلي. نعود إلى بدايات من نحن بصدد الحديث عنه ففي العدد (36) الصادر يوم الثلاثاء 3/5/1376ه الموافق 1/1/1957م نجده مرة أخرى في الزاوية نفسها (من غير تطويل) يوجه له الكلام : «عبد الرحمن الصالح الشبيلي عنيزة، نشكرك على إخلاصك ونظراتك الصائبة، كما نقدر لك جهودك في خدمة هذه الصحيفة» . وطبعا وكما هو معلوم فبعد ثمانية أعداد توقفت الجريدة لأكثر من أربع سنين. مما سبق الإشارة إليه هو في أول جريدة تصدر في المنطقة الشرقية (أخبار الظهران)، والمقال الذي وجدته للشبيلي في جريدة اليمامة للشيخ حمد الجاسر التي تصدر في الرياض .. ففي العدد (246) الصادر يوم الأحد 10/5/1380ه الموافق 30 أكتوبر 1960م وفي الصفحة الرابعة نجد مقالا له بعنوان: (مقابر عنيزة !). وفيه يقول إنه شاهد مقابر في مدن المملكة وبالذات مدن القصيم وأنها مسورة ويجري تنظيفها، وأن في عنيزة ما يزيد على عشر مقابر وكلها تتخللها دروب فتحت لاختصار الطرق.. فيطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية بصيانة القبور واحترامها. وقد أطلعته على هذا المقال فتذكره وقال إنه أول مقال كتبه، ولهذا نجد الصحافة هي مفتاح طريقه للإعلام ببابه الواسع فقد حصل على ليسانس في اللغة العربية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض 1383ه / 1963م، ثم بكالوريوس في الجغرافيا من جامعة الملك سعود 1385ه / 1965م، أعقبها بماجستير في الإعلام من جامعة كانساس بأمريكا 1389ه / 1969م.. وأخيرا.. دكتوراه في الإعلام من جامعة ولاية أوهايو الأمريكية 1391ه / 1971م، ورافق بداية الإذاعة في الرياض من عام 1384ه فتلفزيون الرياض 1385ه ، وتولى إدارته من عام 1391ه وحتى 1397ه إضافة لعمله أستاذا للإعلام في جامعة الملك سعود منذ عام 1393ه وهكذا توج كل هذه المعلومات المعرفية في الإعلام بأكثر من خمسة كتب إعلامية، ومثلها في السير الذاتية وغيرها. لعلها فرصة طيبة أن أحيي هذا الرجل المخلص لعمله ولوطنه ولتخصصه. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة