في مجتمعنا، من يطالب بإثبات الانتساب إلى الأم ويذكر بأهمية ذلك تشهر في وجهه الاتهامات بأنه ينادي بما يخالف ما أقره الله من أن يكون الانتساب إلى الأب وليس إلى الأم. يتهم بذلك سريعا رغم أن طلب إثبات الانتساب إلى الأم لا يحتم تجاهل الانتساب إلى الأب ولا يلغيه. وأذكر أني قبل سنوات مضت كتبت مقالا عن أهمية تدوين اسم الأم في الوثائق الرسمية، فقامت الدنيا ضدي ولم تقعد وعد قولي مطالبة بنسبة الأولاد إلى أمهاتهم واتهمت بتقليد كاتبة عربية كانت آنذاك تطالب بأن يكون الانتساب إلى الأم بدلا من الأب. ولأني ما زلت مؤمنة بأهمية، بل ضرورة ما أطالب به، فإني سأعيد الحديث حول هذا الموضوع الذي أراه ملحا تقتضيه الحاجة، فإثبات اسم الأم كاملا في الأوراق الرسمية يتوقف عليه توضيح جوانب القرابة عن طريق الأم كالإخوان والأخوات من الأم والأخوال والخالات، كما يتوقف عليه أيضا تقسيم الإرث بعد وفاة الأم متى كان لها تركة. إضافة إلى أننا في بلادنا نشدد كثيرا على معرفة العلاقة التي تربط الرجل بالمرأة متى وجدا منفردين في السيارة أو في السوق أو المطعم أو غير ذلك من الأماكن العامة، وقد تكون بينهما قرابة عن طريق الأم ولكن لعدم وجود وثيقة توضح تلك القرابة فإنهما قد يقعان في مشكلة مع الشرطة أو الهيئة لا يعلم بنهايتها سوى الله. وقد سمعت حكاية ترويها شابة قبض عليها حين كانت في السيارة مع أخيها الأكبر من الأم، تقول توفي والد أخي حين كان رضيعا فتزوجت أمي بعد ذلك واحتفظت بحضانة ابنها من زوجها المتوفى، ثم أنجبت عددا من الأبناء والبنات من الزوج الثاني، وبعد سنوات انفصلت عن زوجها الثاني وبقينا جميعا في حضانتها فنشأنا معا تحت جناح والدتنا إخوة أشقاء وأخ من الأم. وقبل أيام دعيت إلى حفل صديقة لي في استراحة في طريق الثمامة، فرفض أخي الكبير غير الشقيق أن أذهب مع السائق وعرض علي أن يوصلني إلى مكان الحفلة بنفسه، وفي الطريق تصادف أن كانت هناك حملة تفتيش للسيارات، فطلب الشرطي منا بطاقات الهوية ولما وجد اسمينا مختلفين سألنا عن القرابة بيننا فأخبرناه أننا إخوة، لكنه رفض التصديق لعدم وجود ما يثبت قولنا وبادر إلى الاتصال بالهيئة، وسرعان ما جاء الجمس المشهور يتهادى ليقبض علينا كأي متهمين. أمضينا تلك الليلة في نكد وبقينا في ضيافة الهيئة إلى أن تمكن أخي الأصغر الشقيق من الاستعانة بأحد معارفه الذين لهم علاقة بأحد المسؤولين في الهيئة كي يثبت براءتنا ويطلق سراحنا. لم لا يضاف اسم الأم كاملا في بطاقة الأحوال وجواز السفر كما هو مضاف في شهادات الميلاد؟ إن الناس لايسيرون أو يسافرون وهم يحملون في جيوبهم شهادات ميلادهم، فضلا عن أن شهادات الميلاد لا تتوفر عند كل الناس فهي تخص جيلا بعينه ومن كان مولودا قبل إقرار نظام استخراج شهادات الميلاد فإنه ليس لديه أي وثيقة تثبت انتسابه إلى أمه. قرأت مرة لأحد الكتاب قوله إن الذين يكتبون أسماءهم ثنائية فيسقطون اسم الأب منها عاقون لآبائهم، فماذا عن الأمهات اللاتي تسقط أسماؤهن من كل الوثائق؟. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة