تروي الحفيدة (التي فضلت عدم ذكر اسمها) قصتها بالقول: «بدأت معاناتي الخاصة منذ 7 سنوات، إذ كان أبي مصاباً بمرض الكبد، وكان يعالج مرضه أحياناً، ويذهب للمستشفى من وقت لآخر. ووقتها كنت صغيرة جداً على أن أفهم ما يجري، ولا أتذكر إلا ما كان يجري قبل 7 سنوات عندما كان عمري 9 سنوات». وتستطرد في حكايتها المأساوية «سافرنا إلى مصر لعلاج والدي بعد أن حصل على حصته السنوية التي لا تتجاوز 50 ألفاً من كل هذه الأموال الطائلة، لكننا اضطررنا إلى القبول بها لشدة حاجته للعلاج، رغم أن إخوانه الآخرين كانوا يأخذون أكثر منه بكثير»، مضيفة: «كان والدي يحتاج إلى زراعة كبد، وزادت المصاريف واضطر أن يعود للمملكة ليطلب من إخوانه مزيداً من المال للعلاج، فتركنا أنا وأمي في مصر عند جدتي، لكنه لم يستطع السفر لأن حالته تدهورت في المطار وبقي في مستوصف المطار أسبوعاً، وبعد أسبوع علمت أمي فذهبت إليه في مستوصف المطار، وأخذته إلى السعودية ليطالب إخوانه بمبلغ زائد للعلاج. الذين أجابوه بأنك أخذت حقك. وقال والدي: أنا مريض ومن حقي أن أتعالج من مال والدي. فماطله أعمامي واستمر الموضوع سنتين». لافتة إلى أن أباها توصل إلى إيجاد واسطة لعلاجه لدى صديق له يعمل في مؤسسة، وكان ابنه طبيباً، فوعده بالعلاج في المستشفى الحكومي، ولكن حدث أمر غريب «كان أبي ينتظر والدتي عند مؤسسة صديقه، ولكن فور وصول والدتي رأت رجلين يحملان والدي ويضعانه في سيارة كبيرة وينطلقان به، من أمام المؤسسة. أقلق الأمر أمي وظنت أن أبي تعرض لاختطاف، فذهبت للشرطة التابعة لحي البلد، وأخبرتهم باختفائه، فأجابت الشرطة: لا نستطيع أن نبدأ التحريات قبل 24، واستمرت والدتي، ولم نجد أبي نهائياً، وبعد 10 أيام رأت أمي في المنام أنه في مستشفى النور بمكة المكرمة، وذهبت إليه فوجدته فعلاً هناك مع إخوانه، وعندما عاتبته على اختفائه قال لها: كنت مضطرا لطاعتهم لأني أريد أن أتعالج، وكانوا يخيرونه بين زوجته وبين أنفسهم، ولم يكن منه إلا أن اضطر لاختيار إخوانه لأجل العلاج، لكنه توفي بعد خمسة أيام» وبحسب كلام والدة الحفيدة فإن زوجها «لم يتوفى، وكانوا يطردونها ويمنعونها من رؤيته بالمستشفى، ولم تحصل على شهادة الوفاة إلا عن طريق المحكمة». تقول الحفيدة: «عندما ذهبنا إلى المحكمة للحصول على شهادة الوفاة قابلت والدتي عمي هناك، وأخرج الشيخ لها صك الإرث، وكان أعمامي يقولون لي لا تجلسي مع أمك، ولكن الشيخ حكم ببقائي مع والدتي على رغم ذلك». وتستطرد: «وبعد وفاة أبي «تبهدلت» سنتين ولم أكن أعرف ما أصنع، وعشت مع والدتي جالسة في انتظار النساء بالنقل الجماعي، نقضي مشاويرنا مشياً على الأقدام، حتى إننا كنا نتسول الأكل. وكنا نأتي إلى مسجد الملك فهد بجدة لكي «نتروش ونغسل ثيابنا في المسجد». وزادت: «وقضينا في النقل الجماعي مدة 4 سنوات في الشارع، نأكل في الشارع وننام في الشارع، وهناك أناس يشهدون على ذلك ويعرفون، وكان مشرف المحطة إذا سئم منا يبلغ عنا الشرطة، التي تتورط فينا لعدم وجود من يكفلنا، فيضطر الضابط أن يطلق سراحنا بعد أن يمل منا، وكنا باستمرار نسجن بسبب التسول، لأنه لم يكن لدينا ضمان اجتماعي، وذلك لأن كرت العائلة سرق منا أثناء التشرد، وبقينا 7 سنوات بلا هوية، مع أننا سعوديات، ولم نستطع استعادة هويتنا إلا بعدما قدمنا شكوى للأمير مشعل بن ماجد، وأما مكتب الضمان فرفض أن يساعدنا وقال «كروتكم ضائعة» وأنتما «مجهولتا الهوية» وهذا الكرت «يمكن يكون مزوراً»، ورفض بدعوى أننا مجهولتا الهوية، مع أن لدينا جوازا سفر سعوديين».