ما يلفت الانتباه في الوزارات أو المصالح الحكومية في دول العالم الأول حرصها واهتمامها الشديدان بالتواصل التلفوني بل والإلكتروني عن طريق البريد أو الفيس بوك أو التويتر مع مواطنيها والمقيمين على أراضيها. فبمجرد اتصالك تلفونياً بهم تجاب جميع استفساراتك. وإذا ما أرسلت بريدا إلكترونيا تجد من يجيبك ويحاول مساعدتك وتوجيهك. للأسف هذه الخدمة شبه معطلة عندنا رغم أهميتها في إنجاز الكثير من المصالح للمواطن دون إشغاله أو إشغال تلك المصالح الحكومية بالتواجد الشخصي للمواطن. فالمواطن محمد من مدينة جازان لديه معامله في وزارة أو مصلحة حكومية في الدمام ويحتاج فقط أن يسأل عن معلومة مهمة له أو رقم معاملة صادرة منها. يتصل على 905 ليعطيه رقم المصلحة بالدمام يتصل عليهم بالتلفون لا أحد يجيب يكرر يقنع نفسه أنها ربما تكون فترة صلاة.. يعاود الاتصال بعد نصف ساعة يستمر بالمحاولة حتى الساعة الثانية والنصف لا مجيب. يكرر المحاولة اليوم الثاني لا مجيب. يتصل ب905 يعطيه رقما آخر يتصل به فيرد عليه فاكس. يتصل على 905 يعطيه رقما ثالث يجده مشغولا يستبشر أخونا محمد خيراً ويستوي في جلسته ويكرر الاتصال من الساعة التاسعة صباحاً إلى الساعة الواحدة ظهراً يجيبه سنترال الوزارة في الدمام أخيرا يشرح له حاجته وقبل أن يكمل يحوله إلى الموظف المختص ولا أحد يجيب. يحاول الاتصال إلى نهاية الدوام لا مجيب. يكرر المحاولة اليوم التالي ولا أحد يجيب. مواطن آخر في حفر الباطن يعاني نفس المعاناة مع مصلحه في الرياض. مواطن ثالث من تبوك يئس من محاولة الاتصال بمصلحة حكوميه في جدة. مئات بل آلاف الحالات المشابهة تحصل يوميا، لذا يقرر المواطن المستطيع حزم حقائبه وتحمل مشقة السفر وتكاليفه لقضاء حاجته الملحة لدى هذه الوزارة أو تلك المصلحة. والحالة تكون أنكى إذا كان ذلك المواطن رجلا مسناً أو سيدة أو معاقاً أو إنساناً رقيق الحال ليس لديه الإمكانية المالية لتحمل تكاليف السفر. وكان يمكن أن يتم كل ذلك بالتواصل التلفوني. لا شك أن لدى كل وزارة سنترالا ولديها موظفون للسنترال ولا بد أن هناك رئيسا للسنترال يتبع مدير إدارة وهذا المدير يتبع مديرا عاما والذي بدوره يتبع وكيلا للوزارة والوكيل يتبع الوزير. هيكل تنظيمي مرتب ومقنن وجيد. كل هؤلاء وضعهم ولي الأمر ليخدموا هذا المواطن. ولا أشك أن لديهم الإمكانيات والمقدرة ولكن ينقصهم التنظيم اللازم لأداء خدمة بسيطة كهذه، ولكنها في غاية الأهمية للمواطن. يجب أن نوضح لكل مراجع أرقام التلفونات بل ونعممها ونطبعها على أوراق المراجعة كما يجب وضع تنظيم واضح داخل وزاراتنا ومصالحنا الحكومية لاستقبال الاستفسارات التلفونية والتعامل معها بجديه. وأقترح أيضا أن يتم انتداب أو تعيين موظف متفرغ ومدرب وجيد الفهم للإجراءات والتنظيمات لتلك الوزارة أو الجهة وتوفير التجهيزات اللازمة لاستقبال الاستفسارات والإجابة عليها. كما يجب تدريب موظفي السنترال وتحفيزهم وفي نفس الوقت تكثيف الرقابة عليهم. فقد تكون هذه الوزارة تقوم بأعمال جليلة وخدمات كبيرة للوطن والمواطن يضيعها موظف سنترال مستهتر. كما يجب وبصفة دورية قيام المسؤول بالاتصال من خارج الإدارة للتأكد من حسن أداء مستقبلي الاستفسارات. وأرى أن يتم تكثيف التوجيهات لموظفينا بل وتعليمهم ثقافة التواصل التلفوني مع المواطنين وأنها جزء من واجباتهم الوظيفية التي على أساسها يتم تقييمهم وظيفياً، وعدم قبول الأعذار في الإهمال بدواعي الانشغال بما هو أهم حسب اعتقادهم. اختم بموقف وقع لي قبل سنوات مع الخطوط الكندية وهو أني اتصلت على مكتبهم في كندا قبل سفري من كندا إلى بريطانيا ولم أجد من يستقبل اتصالي لإبلاغهم برغبتي في تغيير قائمة الطعام لي ولأسرتي في الطائرة. فدخلت بعد وصولي المملكة على موقع الشركة الكندية وقدمت شكوى بالبريد الإلكتروني لقسم خدمة العملاء، لأفاجأ برد على بريدي من رئيس شركة الطيران الكندية شخصيا يقدم اعتذاره ويحاول أن يبرر لي أن الوقت الذي اتصلت فيه كان وقت الغداء وأن جهاز الرد الآلي لسبب ما لم يعمل ليبلغني بفترة الراحة لديهم. كما بشرني أنهم يدرسون كيف يتلافون هكذا خطأ مستقبلا. أيها الإخوة نحن لسنا أقل كفاءة منهم. ولسنا أقل تجهيزاً منهم. بل قد يكون لدينا ما هو أحدث مما لديهم، فقد وفرت لنا الدولة حماها الله كل التجهيزات. ويبقى علينا تجهيز أنفسنا ونحن بحول الله في الطريق وسنصل بإذنه تعالى. * مهندس استشاري [email protected]