يوم كان القادرون يركضون في اتجاه المدن البارزة يضعون فيها مشاريعهم البناءة ويعتبر ذلك تقليدا مشاعا وحقا مشروعا، ويوم كان الزاحفون من أبناء القرى يتسابقون في الهجرة من القرية إلى المدينة ومن المدينة الأصغر إلى الأكبر بحثا عن مكان تحت الضوء.. وعن وجود وسط الوجود يوم كان ذلك يحدث ويتكرر في بلادنا العزيزة كانت.. مؤسسة الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري الخيرية قد وجهت وجهها شطر «الجوف» الرحم الأم.. وجميل هذه المؤسسة أنها اختارت أن يكون بطاطها في حوضها ما بين «الغاط» و«الجوف» لم تغادر مسقط الرأس بحثا عن الألق والتألق.. وانتظارا لأصوات التصفيق والترحيب، اختارت أن تكون حيث هي، ولم تبحث عن المكان الأبرز والضوء الأسطع والناس المتمدنين، بداياتها كانت في عام (1362ه) وفي عام (1383ه) أسس الأمير عبدالرحمن السديري رحمه الله المكتبة العامة المعروفة ب «دار الجوف للعلوم»، وتضم قسمين منفصلين للنساء وللرجال.. جعل الله جهوده في موازين حسناته ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وقلبه السليم استشعر الحاجة لتثقيف الوعي الإنساني، فكانت مبادرته بإنشاء المكتبة من أوائل المبادرات السعودية في نشر الوعي والثقافة بين الناس وبفضل جهده بعد توفيق الله.. كانت «الجوف» من أوائل مراكز الإشعاع المعرفي والثقافي في السعودية إن لم يكن في المنطقة الخليجية قاطبة لبداياتها المبكرة آنذاك، حيث لم يكن السعوديون أو الخليجيون يتحدثون عن المكتبات وأهميتها في التنمية والتطور ولم يكن وعي الطموح الفردي قد وصل إلى مثل هذه الأحلام الباهظة التكاليف والمحدودة في الأرباح وقياس العوائد، وكان آنذاك العمل المؤسسي يتجه صوب العمل الخيري المغذي لحاجات الجسد.. لا حاجات العقل، كان الهدف الكساء والغذاء أولا وليس القراءة والاطلاع، ويوم كان البعض في المناطق البارزة لاهثا وراء لقمة العيش كان البعض الآخر في منطقة الجوف قد عرف طريقه إلى الكتاب وإلى القراءة وإلى الاطلاع نظرا لما قامت به دار الجوف للعلوم من جهود!! الخطأ السائد بين العامة والخاصة، أن أبناء القرى والمحافظات والمناطق الحدودية أقل ثقافة من أبناء المدن البارزة والكبرى داخل الخريطة السعودية، وهذا اعتقاد شائع تنقصه البراهين لأن الحقيقة شيء آخر فابن القرية المتاخمة للحدود وأبناء الهجر والمحافظات لديهم ثقافة عالية يتفوقون بها أمام الآخرين ومعظم الناجحين بيننا هم في الأصل الخريجون المتميزون من القرى والمحافظات.. القضية ليست ابن قرية وابن مدينة وابن بادية.. القضية الحقيقية هي تكافؤ الفرص التي لم يمنع تفاوتها من جهود فردية ظهرت هنا وهناك واستفاد منها الصاعدون من أبناء الوطن العزيز في جنوبه وشرقه ووسطه وشماله، بل إن من مميزات مؤسسة الأمير عبدالرحمن السديري أنها تولت منح جائزة الأمير عبدالرحمن للتفوق العلمي لأحد أبناء منطقة الجوف المتفوقين وابتعاثهم للدراسة خارج المملكة كذلك البنات كان لهن نصيب وافر من هذه الجائزة، ذلك يعني أن الخير في المؤسسة لا يقف عند حد الإعانة النقدية والعينية إنما تجاوزها إلى بناء الإنسان وهو المراد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة