ها قد مضى ربع قرن منذ أن أنشئت مؤسسة الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري الخيرية بالجوف، التي أولت الثقافة اهتمامها الأول؛ لترسل أنفاسها عطرًا من الثقافة والتاريخ والتراث عبر هذه البلاد، وتبث من خلال ذلك رسائل من الوفاء للمؤسس المغفور له -بإذن الله- معالى الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري، والزهو بمنجزاته خلال ثمانية وأربعين عامًا حاكمًا لجوفها. بالأسبوع الماضي، كان منتدى الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية في دورته الرابعة، الذي يقام لهذا العام تحت عنوان «النظام الصحي السعودي». منتديات السديري تصطحب الفكر والتراث، وتجدد هيبةً وشموخًا عامًا بعد عام، وأضحى المنتدى لأهل العلم والمعرفة سحابة من لؤلؤ تمطر.. فتشرق بضوئها وضوعها شمال البلاد، اقتصادًا وقضاءً وصحةً، وغدت نداوته زادًا معرفيًّا ترتاده العقول محليًّا وعربيًّا، فيشعلها ويشغلها! لقد أثبتت (مؤسسة الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري الخيرية) عبر سنينها التسع والعشرين قدرتها على تجسير الفجوة بين حاضر إنسان هذه البلاد وماضيه، وتجسيد التآخي بين أصالة جذره التليد، وجزالة عطائه وإنجازاته، ففي دار الجوف مكتبة تطبع وتنشر مضامين لألوان الثقافة والمعرفة، وتضم تراث الجوف ومخطوطاته ووثائقه، وتدعم بحوثه ورسائله العلمية. منحت المؤسسة بُعدًا رائعًا ساهم ويسهم في تصحيح ما علق في بعض الأذهان من سقم الظن في مشاركة المرأة، فالمكتبة بمبانيها وقاعاتها، صحائفها ومجلاتها، موسوعاتها وكنوزها، تجاورها مدارس للبنات. تدعم حواء التي منحها المغفور له السديري دعمًا ورعاية. لقد أثبت أبناء وبنات السديري -بعلمهم ومعرفتهم، وماضيهم وحاضرهم- وفاءهم لوالدهم ووالدتهم السيدة منيرة بنت محمد الملحم بجائزة تحمل اسمها لمنح تعليمية للبنين والبنات، وما أجمل الاستثمار في البشر الذي يغني عن الاستثمار في الحجر. أخيرًا، إن (مؤسسة الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري الخيرية) عمل مبدع لمفهوم تنمية البشر، تراثًا وفكرًا وإبداعًا، يتجاوز أثره وتأثيره حدود منطقة الشمال وجوفها، ويقف شاهدًا على الانتماء إلى منظومة العطاء. تلك كانت باختصار شديد، رسالة (مؤسسة الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري الخيرية) ومدلولها.. فهي قبل كل شيء رمزٌ جميلٌ لكبرياء الماضي، وعنفوان الحاضر، وطموح المستقبل، وهي بعد كل شيء قيثارة ترسل نغمها البليغ.. فيسري صداه الجميل في أرجاء الوطن. بوركتم يا أبناء السديري، وبورك أحفادكم، فقد قرأت في أعينهم الفخر بتراثهم تأسيسًا وتأصيلاً وثباتًا على مر الزمن.