حفر هنا وهناك .. ربما على شكل مطب أهوج زرعه أشخاص أمام بيوتهم .. أو قطوعات شقت الإسفلت ولم يتم تأهيلها مرة أخرى وهي معوقات قد تطيح بإطار مركبتك .. أو لعلها تتسبب في ارتطامك بسيارة مجاورة .. أو تقذف بطفلك من المقعد الخلفي إلى حيث تجلس .. ربما.. وربما.. جميعها مصائد وكمائن تنتظر صاحب الحظ العاثر، وهناك الكثير مما يتحدث عنه الناس كجزء من معاناتهم اليومية أثناء تنقلهم داخل المدينة وهي في الأصل معوقات تتوسد الطرقات وتصطاد مركباتهم وتستنزف جيوبهم علنا ودونما إحساس بالمسؤولية .. وما المانع في غياب التقرير الفني والتشخيص العلمي لحوادث المرور عن القول: إن الحوادث المميتة أو بعضها على الأقل أسبابها عطل من نتاج تلك الحفر أو ذاك «المطب».. فدعونا نستمع للحكاية والرواية على لسان من اكتوى بنارها.. حفرة وونش وفي البداية، أوضح أحمد سعيد الرفيعي (46 عاما) أن حفرة كبيرة وسط شارع عام التهمت إطار سيارته وحولته إلى حطام، ويضيف «فوجئت بارتطام قوي ناحية الإطار الأيمن للسيارة بداية الأسبوع الأول من شهر محرم الماضي، حينما كنت أسير في شارع الحمدانية بعد صلاة العشاء، ولم أتوقع لحظتها بأن الأمر سيكون بسيطا وهو ما حدث بالفعل، وكان لزاما علي إيقاف السيارة وتفقد الوضع ومعرفة مصدر الصوت، فوجدت حفرة كبيرة قد التهمت نصف إطار السيارة من عمقها، وتسببت في تهشيم القطع السفلية ناحية الإطار المتضرر وتطلب الموقف سحب السيارة لأقرب ميكانيكي لإصلاح العطل وتبديل القطعة التالفة وبلغت الخسائر نحو 2200 ريال قيمة القطعة فضلا عن أجرة الميكانيكي.. والسبب وجود حفرة كبيرة وسط الشارع ولا أدري من المسؤول. كسر مضاعف ويتدخل مصلح عواض الزبيدي في الحديث بالقول «إذا كانت خسارة الرفيعي مبلغ تنحصر على المال، فالوضع عندي ليس نقودا أو مبلغا ماديا، بل كانت المحصلة النهائية (كسرا مضاعفا) في يدي اليسرى نتيجة سقوطي في حفرة في شارع يمر من أمام أحد الأسواق في حي قويزة، ويضيف: حاولت تحاشي حفرة مباغتة اعترضت طريقي وبدلا من ذلك ارتطمت في حاجز أسمنتي على جانب الطريق ومن شدة الارتطام انحشرت يدي داخل المقود ونتج عنه كسر مضاعف ناهيك عن تكاليف إصلاح (الرفرف الأيسر ومقدمة السيارة من تلك الناحية) وخلص بالقول «حدث هذا في جزء من الثانية علما أنني لم أكن مسرعا لحظتها ولا يمكن أن أكون مسرعا أصلا لأن الطريق لا يتيح القيادة إلا بأدنى سرعة تفاديا لتك الحفر». طريق الحرازات ويعد محمد حمدان العامري، من ضحايا مصائد الحفر التي تعم معظم شوارع جدة في الوقت الحاضر، ويتوقع العامري الذي فقد شاحنته الصغيرة بعد سقوطها في حفرة عميقة في طريق الحرازات، المفاجأة في كل مرة يقود فيها سيارته، ويضيف «قيادتي دائما متأنية جدا، وما حدث لي كان قضاء وقدر، وإن كان السبب حفرة في شارع عام يؤدي للحرازات من (وادي عشير) وهو طريق مسفلت حديثا ولا أعلم سبب انتشار هذه الحفر بهذا الشكل. وزاد «أردت تفادي السقوط في هذه الحفرة فاصطدمت بسيارة كانت قادمة من الناحية اليسرى ونتج عن الحادث تلفيات في مقدمة السيارة، وأتمنى من الجهات المعنية تفقد الطرق من وقت لآخر وردم تلك الحفر التي تعيق حركة السير وتتسبب في حوادث مرورية فادحة»، أما خالد حسين عجاج فأشار إلى سيارته التي تعرضت لحادث مماثل كاد يفقده حياته، وقال عجاج «تعرضت سيارتي لانفصال «الجوزة» بعد سقوطها في حفرة وسط الطريق، وانفصال الجوزة يعني انفصال الإطار من جسم المركبة وبالتالي انقلابها، والحمد لله كنت أقود وقتها بسرعة لا تتجاوز 25 كم، وإلا كان الضرر سيكون أكبر. حفر مزمنة ويواجه عبدالمجيد عبدالله الزهراني مشكلة الحفر منذ سنوات، وذكر الزهراني أن الطريق المؤدي إلى مسكنه في حي العليا الذي يقع بين أم السلم وكيلو 14، بقي على حالة منذ سنوات، حيث تتوسط الحفر والمياه الآسنة والوحل والتعرجات الخطرة الطريق بشكل عام، ويضيف «سكان الحي يدفعون خسائر يومية من أعصابهم وأيضا من جيوبهم»، وزاد «كل من يقطن هذا الحي ويملك سيارة فهو بلا شك خاسر، ويقاطعه رفيقه موسى حسن الزهراني بالقول «أعطال السيارات تبدأ أولا (بالمقص) ثم تآكل الجلدة السفلية وانبعاج (الكرتير) وهناك من خسر مكينة السيارة نتيجة لتسرب زيت المكينة، فضلا عن التلف الذي يصيب (الجوزة) والأذرع، فداخل الحي يفاجأ بهبوط حاد في الطريق يليه ارتفاع طبقة الأسفلت وهو أمر مربك لقائدي المركبات. حفريات الشركات ويشير علي معتوق الشريف إلى الحفر التي تخلفها الشركات عند تمديد خطوط الكهرباء للمنازل وأعمدة الإنارة، ويضيف: هذه الحفر الطولية أو العرضية تسبب عرقلة واضحة لحركة المرور وتتسبب في بطء سير المركبات ما يولد الاختناقات المرورية، خاصة أن الشركات المنفذة تكتف بوضع كمية من التراب على الحفر دون أن تعيد السفلتة إلا بعد مرور فترة من الوقت ربما تمتد لأشهر، وشخصيا حدث معي موقف لن أنساه عندما كنت أقود سيارتي وأمامي سيارة (قلاب) توقف فجأة ودون مقدمات في منتصف الدوار وبصورة لم أتمكن فيها من إيقاف سيارتي فارتطمت به من الخلف وحدث ما كنت أخشاه والسبب حفرة كبيرة وسط الطريق، والنتيجة تلف كبير شمل مقدمة السيارة بالكامل ووصل إلى حد مقدمة مكينة السيارة. حوادث مميتة وذكر مسعود عمر بخاري أن ابن شقيقته كان يقود سيارته في حي الهدى في العاشر من محرم الماضي، وبرفقته ابنه الصغير وابنته وأثناء محاولته الدوران للعودة في الطريق الموازي وجد نفسه وقد فقد فجأة قدرة التحكم على المقود الذي بدأ يدور في الفراغ، ما نتج عنه انحراف السيارة نحو الرصيف فاستعمل المكابح بقوة لتفادي الارتطام، وقد نجح في ذلك ولم ينتج عن الحادث سوى ارتطام ابنه الصغير ب(طبلون) السيارة ونتج عنه كدمات بسيطة في الرأس، وزاد «هذا العطل المفاجئ سببه حفرة في الطريق خلخلت أجزاء السيارة من الأسفل وتابع هذه الحفر هي المسؤولة عن بعض حوادث السيارات البشعة، ولا يلتفت لها أحد نظرا لعدم وجود التشخيص الفني الدقيق لأسباب تلك الحوادث. «مطبات» شخصية من جهته صب مشعل مبارك السعيدي جام غضبه ليس على الحفر فقط، وإنما على «المطبات» الصناعية والتي يضعها البعض أمام منازلهم بدون سابق إنذار، ولا يمكن مشاهدتها إلا بعد الاصطدام بها على حد قوله، ويضيف: لا بأس بتلك «المطبات» التي تنفذها إدارة المرور وهي «مطبات» مدروسة وتكون مصحوبة بتحذير مسبق ينبه قائد المركبة، وزاد «ما أعنيه المطبات العشوائية داخل الأحياء والتي تشكل كتلة جبلية من الإسفلت لها قمة حادة تهشم وتمزق سيارتك من الأسفل بشكل عنيف، والنتيجة في أحسن الأحوال «أضرار مادية أو حتى خسائر بشرية».