استلهمت الفنانة التشكيلية منال باحنشل من حضارة وتاريخ جدة القديمة منحوتاتها الأخيرة مستخدمة تقنية الرمل حيث استطاعت أن توحي للمتلقي أنك أمام منحوتة صخرية صلبة إلا أنها في الأصل لايتجاوز وزنها 30 جراما وبما أن الفن هو جزء لا يتجزأ من تاريخ الإنسان، وثقافته وتراثه وهو وسيلة فاعلة للحفاظ على التاريخ، وحاجة المجتمعات بشكل عام إلى النحت تزداد يوما بعد يوم لتسجيل حضارة وتاريخ الأمم، ولا أدل من ذلك إلا معظم المتاحف العالمية لاتخلو من المنحوتات والمجسمات سواء التاريخية منها أو الجمالية. جمعت منال بين ألوان أمواج البحر ورواشين مباني جدة القديمة في تشكيل منحوتاتها في تكوين انسيابي ما جعلها تستمتع بتنفيذ أعمالها، في مواءمة لعلاقة الإنسان بالبيئة، في توليف بين الشكل البنائي والشكل العشوائي للمباني، مع إدخال بعض العناصر الفنية والرموز لإعطاء العمل فنون البعد الثالث، أعمال منال تتفاوت في الشكل بين الكثبان الرملية والصخور الجبلية وعلى واجهات البيوت المتلاصقة وأبوابها المؤصدة ونوافذها الصامتة والأزقة الضيقة المتعرجة تطل منال برواشين جدة لتسرد للمتلقي قصصا وحكايات الماضي الجميل للإنسان الذي سكن تلك الحارات وملأها بالحضور والأحلام. وتعتبر تجربة الفنانة منال باحنشل في النحت بالرمل تجربة جديرة بالاحترام كونها نتاج رسالة علمية قدمتها الفنانة لنيل درجة الماجستير في النحت بالرمل من جامعة الملك عبدالعزيز وحصلت عليها بامتياز وهي جارية الآن إلى تحويل رسالتها إلى كتاب في فنون النحت على الرمل، وتناولت في أعمالها النحتية مجموعة من القضايا والمواضيع بشكل واقعي وبروح عصرية، تمتزج فيها الأصالة والبحث عن التراث إضافة إلى مجموعة من المنحوتات بأشكال مابعد الحداثة سواء في الطرح أو في فلسفتها الفنية مطعمة أعمالها تارة بالرمزية وتارة بالتجريد وتنفرد باحنشل في ريادتها باستخدامها لتقنية الرمل باوزان خفيفة سهلة الحمل وسهلة التنفيذ لتعبر عن انفعالاتها الفنية من خلال إيقاعات رمزية متدفقة.