كثيرون من البارزين لدينا تعود جذورهم إلى القرى التي نسميها نائية وإلى المحافظات البعيدة عن مراكز الضوء الساطع! وحين جاءوا إلى المدن البارزة واشتهروا ولمعوا ظنوا أن الالتفات إلى الوراء يعيبهم وقد يضر بلمعانهم، فما عادوا يلتفتون وأحجموا عن التفكير في إجابة على سؤال يقول ماذا صنعت لمسقط رأسك بعد أن صرت لامعا ومعروفا.. وقادرا؟!! بل إن عددا غير قليل من مسؤولينا في الوزارات والمناصب العليا الإدارية.. هم في الأصل أبناء قرى ومناطق نقول عنها للأسف «نائية» تأثروا بهذا المسمى ونأوا!! فما عادوا يفكرون باستبدال النائي بالوصل ولا عاد لديهم استعداد للاعتراف بحق الجذر على الفرع، بل الأدهى أن بعضهم مارس العجرفة ومال إلى التكبر والصلف والقسوة مع الغير باعتبارهم الصغار وهو الكبير وأصبح من الواصلين ومن اللامعين، فلماذا يتلطف بالعاديين؟! ولماذا يترفق ويترقق معهم؟! آفة التقدم الإنساني هم... البشر وليس الأدوات ولا الأجهزة ولا المباني! فقراء النفس إذا صعدوا فوق السلم بعضهم يرمي السلم حتى لا يصعد غيره مثله وبعضهم يقف على قمة السلم، وينظر إلى الواقفين تحته كما ينظر الواقف على قمة الجبل لمن جلس في السفوح!! فقير النفس لا أمل فيه حتى لو كان غنيا!! وبعض الواصلين المرفهين تأخذهم العزة بما تحقق لهم حتى لو كان مجرد ريح جرت بما تشتهي السفينة، ولا يفكرون أن الرياح مرة تدفع إلى أعلى ومرة تدفع إلى أسفل!! لكنها النفس الإنسانية تغرها الظروف والمظاهر!!.. والمؤسف أن غلاة الإعلاميين وبعض المفكرين يعتقدون أن الالتفات نحو الجذور والعناية بمسقط الرأس هو نوع من أنواع التعصب البغيض والتحيز المرفوض، ونوع من أنواع التخلف الحضاري، وهذا بالطبع غير الحقيقة إنما هو تضليل لها وتزييف للمشاعر والأخلاقيات.. فالتعصب شيء والوفاء شيء آخر.. وضرورة الثاني لا تعني وجود الأول! ولو أن القادرين من أبناء المناطق المسماة نائية فكروا في كيفية الوصول إليها وبادروا إلى تعبيد الطرقات وتوفير الاستراحات وأنشأوا وسائل نقل جيدة وتفانوا في إيجاد السبل للتعبير عن وفائهم لمكان ميلادهم، لو أن هذا التعاون حدث، كان مشاكلنا انتهت مع الطرقات التي أودت بأرواح بناتنا وأبنائنا التي أصبحت مذابح من الحوادث! لو أن الحس الوطني فينا لم ينظر إلى مسميات مناطق نائية ومناطق ساطعة!! كان أصبح المواطن في أحسن حال! سواء كان في الجنوب أو الشرق أو الشمال لا فرق كلهم سواسية! صحيح أن الطرق والمواصلات مسؤولية الدولة الغنية، لكن هذا لا يعني أن ننفض أيدينا ما دمنا قادرين! إذا فعلوا لن يخسروا بل إن... مكاسبهم ضعفان!! يعبدون الطريق إلى قراهم ويقبضون الثمن وما أكثر المسافرين خاصة الموظفات! لكن الذي يحدث أن القادرين وفروا سيارات نقل مهدمة وخردة معدومة إجراءات السلامة وقبضوا الأموال من الموظفات المقهورات، وطريق وعر وسيارة خردة لا بد أن تكون لهما ضحايا بالمئات، وللأسف الجميع يتفرجون وكأننا نتعاون على استمرار المضرة!!! ولا عزاء للموظفات!!! ما بين جهة مسؤولة تصد وقادرين اكتفوا بحصد الأرباح من ضياع الأرواح!! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة