لأننا شعب اعتاد على الاتكالية واعتاد على الطّناش ، فالأب اعتاد على ألاَّ يلقي بالاً لأطفاله، والكبير لا يلتفت للصغير، والمسؤول لا يهتم بالمواطن ، والموظف لا ينظر للأقل منه بالوظيفة ، هذه مسلمّة اجتماعية ؛ ولكن هل أصابت تلك العدوى الوزراء أنفسهم؟، هذا ما نحاول التأكد منه ونسأل الله ألاَّ يكون ذلك من الصواب في شيء . على مدى أيام طالعتنا الصحف بتجمع حوالي "300" خريج من أصل "6000" هم خريجو الكليات الصحية، أمام مقر وزارة الصحة، يطالبون بوظائف حكومية بدلا من تلك الأهلية التي وجهوا لها ، وفي لهيب الشمس وحرقتها يقف هؤلاء المواطنون، دونما اكتراث من قبل وزارة الصحة ولا وزيرها ولا من تحته من الموظفين الذين لا يرقب الواحد منهم في هؤلاء المتقدمين إلاًّ وَلا ذِمّة.إن الشق أيها السادة أكبر من الرقعة ، فبالرجوع لفضيلة الشيخ قوقل غفر الله له ولنا ، نجد أن أعداد الممرضين والممرضات ( غير السعوديين ) بعشرات الألوف، موزعين على مختلف مناطق المملكة ، فيما يقف هؤلاء الخريجون على أرصفة الطرقات وأمام بوابات وزارة الصحة ، في منظر لاحضاري مؤلم وجارح لكل غيور محب لهذا الوطن العزيز . يا معالي وزير الصحة: إنه ليس عيباً أن تقول: إن وزارتي مخطئة، ومقصرة في تعاملها مع هؤلاء المواطنين، وليس عيباً أو كثيراً على أبناء وطنك أن تخرج لهم وتترجل من مكتبكم الوثير ، قائلاً لهم: مشكلتكم مشكلتي ، وموضوعكم يهمني ، وتبدأ وعلى الفور بتصحيح أوضاعهم بإحلالهم عاجلاً بدل ستة آلاف وافدٍ يعملون في نفس المهن التي يطالب بها هؤلاء المواطنون الذين يحمل كثير منهم من المؤهلات ويمتلك من الخبرات ما قد يفوق ما يحمله الوافدون ، لو أجرت وزارتكم مسحا دقيقاً واستبياناً هادفاً في هذا الموضوع . إذا استمر بعض الوزراء وأمثالهم من الذين ينظر لهم الناس نظرة التقدير والتبجيل في الانزواء في مكاتبهم ، وتجاهل مطالب الواقفين على أبوابهم ، فماذا تركنا لصغار الموظفين الذين يقلد ويقتدي كثير منهم بمن هو أعلى منه منصباً في تعامله مع الناس؟ .. ثم أننا نعلم جيداً أنك وزير مختلف ومتميز عملاً وخلقاً وأدباً. raif_badawi@