انتقد الباحث الشرعي وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود الدكتور مالك الأحمد واقع الفضائيات الإسلامية، ووصفها بالضعيفة على المستوى المهني والفني والعملي والإداري. وأبان الأحمد في بحث مصغر حمل اسم «الفضائيات الإسلامية نظرة أولية» أنه لم يقصد بتقريره التحليل التفصيلي لواقع القنوات الإسلامية بقدر ماهو نظرة عاجلة للموضوع، ستعقبه دراسة منهجية تفصيلية دقيقة. وأفاد الأحمد أن القنوات الإسلامية تقسم إلى سبعة أقسام.. تقسيم نوعي يشمل: قنوات متخصصة، وعامة، ودينية دعوية. أما التقسيم الثاني فهو من حيث المحتوى والمنهجية الإسلامية ويشمل: قنوات محافظة، وقنوات منفتحة، ورأى الأحمد أن التقسيم الثالث يصنفها بحسب الاحترافية المهنية فهناك قنوات محترفة مثل: الرسالة واقرأ، شبه محترفة مثل: المجد وغير محترفة كالناس والخليجية والحكمة. ولفت الأحمد إلى أن التقسيم الرابع يكون بحسب الجمهور المستهدف والمنطقة الجغرافية المحدودة، مبينا أن هناك قنوات إقليمية وذات جمهور محدد، وهناك قنوات عربية عامة. وأبان أن التقسيم الخامس من حيث اللغة فهناك قنوات عربية، وأخرى إنجليزية. مشيرا إلى أن التقسيم السادس من حيث التوجه فهناك سلفية أو إخوان أو عامة. ولفت الأحمد إلى أن التقسيم السابع مبني على الإمكانيات المالية والقوة، منها قوية كالرسالة والمجد، وأخرى محدودة كالناس والخليجية. ولاحظ الأحمد أن للفضائيات الإسلامية أثرا إيجابيا، مشيرا إلى أن الواقع يؤكد أن التأثير الديني للفضائيات على الجمهور، والتى تلقى قبولا واهتماما لدى الناس، وبالطبع فإنه جمهور متفاوت ومتعدد بمثل تعدد البرامج والفضائيات نفسها، وهو واقع ينسجم مع طبيعة وتعدد الظاهرة الدينية المتنامية والمنتشرة في المجتمعات والدول. وحمل الأحمد على الواقع الفني والمهني للقنوات الإسلامية، مبديا ملاحظاته على برامج بعض القنوات التي تحولت لأشبه ما تكون إلى مسرح مدرسي تعليمي يقدمها هواة بعيدا عن الحرفية والمهنية الإعلامية. ولاحظ وجود ضعف فني متمثل في الإخراج، والتصوير، والديكور وغلبة الأساليب القديمة، والأطر الفنية المتخلفة. خبرة ضعيفة ورأى أن القنوات تعتمد في الغالب على شباب عديمي الخبرة في التقديم والإعداد، وإدارة البرامج وقلة المتخصصين والخبراء؛ بسبب الحساسية من توجهات بعض المقدمين، وأشار إلى أن القنوات تعاني من ضعف التشويق وعدم الاستفادة الكاملة من تقنيات الصورة الإعلامية لدرجة أن بعض البرامج هي إذاعية ولا تضيف الصورة لها شيئا. وأكد الأحمد أن بعض القنوات الإسلامية أعطت صورة نمطية سلبية عن أسلوب هذه القنوات؛ حيث الافتقار للإبهار والجاذبية والتي تميزت بها القنوات الأخرى. وأبان الأحمد أن الإمكانيات المالية والإدارية تعاني من شح مالي وتتكئ في الغالب على الدعم والمساعدات الخيرية في المستقبل، منتقدا البدء بإنشاء بعض القنوات الإسلامية دون دراسات كافية إعلامية واقتصادية والاكتفاء فقط بالنوايا الطيبة والاستعانة ببعض الفنيين الذين لهم مصالحهم الخاصة. ولفت إلى أن أبرز وجوه ضعف القنوات الإسلامية غياب الشخصيات المحترفة في إدارة القنوات الإسلامية، والاتكال على أشخاص غير مؤهلين وغير مدربين أوليس لهم علاقة بالعمل الإعلامي بتاتا. مبينا التنافس بين الشخصيات الإسلامية على إنشاء القنوات رغم عدم تخصصهم وعدم اعتمادهم على المتخصصين، فنجد بعض المشايخ أصبحوا مديري قنوات، مما تسبب في تشويه صورة البعض منهم. الرؤية والمنهج وتطرق الباحث إلى أن الرؤية والمنهج والفكر والبرامج تعاني من خلل كبير، فهناك عرض لبرامج جيدة أحيانا في أوقات خارج الذروة (أول النهار أو آخر الليل) مما يفقدها المتابعة من جمهور المشاهدين، مشيرا إلى أن كثيرا من القنوات تركز على العموميات ولاتخوض في التفاصيل الضرورية كالسلوك واللباس والتعاملات وفقه العبادات وأصول العقيدة. ولاحظ الأحمد أن بعض القنوات عبارة عن محاضرات دينية متخصصة هي ذات فائدة لكنها لفئة صغيرة ومتخصصة، وليست لجماهير المشاهدين، منتقدا ضعف الاهتمام بالمرأة والطفل والشاب والاقتصار فقط على الخطاب الإعلامي العام مع الحاجة الماسة حاليا للخطاب المتخصص لكل فئة. ورأى أن القنوات الإسلامية التي تفسح المجال للنساء في التقديم البرامجي تغض النظر عن الاهتمام المبالغ في اللباس واستخدام المكياج، واختيار شخصيات جميلة وملفتة. وشدد الأحمد على انعدام الدراما في القنوات الإسلامية وهي وسيلة هامة لجذب الجمهور والتأثير عليه خصوصا مع توفر الكم الهائل من المسلسلات والأفلام في القنوات الأخرى. وانتقد اعتماد بعض القنوات على الفنانات المعتزلات بزعم جذب جمهور المشاهدين في الوقت الذي يفتقدن فيه لمهارة التقديم، والإعداد فضلا عن ضعف الخلفية الإسلامية. مشيرا إلى أن التركيز على الخطاب الإعلامي المباشر والمتضمن توجيهات دينية أو وعظ مطلوب بحد ذاته لكن في نطاق ضيق وكجزء من التنويع في المحتوى البرامجي. وأبدى الأحمد اعتراضه على التحفظ في معالجة القضايا المعاصرة والافتقار للجرأة في الطرح والنقاش والنقد (يتضمن قطع الاتصالات أحيانا) والتخوف الشديد والحذر من بعض الموضوعات وكثرة الخطوط الحمراء الداخلية. وعد الدكتور مالك أن التكرار في عرض البرامج يعتبر مؤشرا خطيرا على ضعف القنوات مستدلا بإحدى القنوات التي تعيد البرنامج نفسه ثماني مرات خلال شهرين!!) وأحيانا بأوقات متشابهة مما يسبب السأم والملل للمشاهد. مستقبل القنوات وتحدث الأحمد في معرض تقريره عن مستقبل القنوات الإسلامية إلى أنه رغم الجهد الذي تبذله القنوات الإسلامية للوصول للمشاهد وإقناعه بالمتابعة فإن النتيجة ليست دائما ناجحة، لأسباب منها اهتمام شريحة واسعة من المشاهدين بالبعد الترفيهي للبرامج، الخيارات الضخمة في المشاهدة مع إغراء وتنوع شديد، قدرة القنوات العربية (الكبيرة منها) على استقطاب الجمهور من خلال برامج جماهيرية ضخمة ذات كلفة عالية لا تستطيعها القنوات الإسلامية بتاتا، عدم إمكانية أسر المشاهد لساعات طويلة لمتابعة برامج أستديو حتى لو كان المتكلمون من ذوي القدرات المتميزة(وهذا ضمن نطاق وقدرة القنوات الإسلامية) بسبب الطبيعة المملة لهذه البرامج، سقف الحركة الواسع لدى القنوات الأخرى في تقديم مادة مغرية بصريا ومعرفيا لا تستطيعه القنوات الإسلامية، التطور التقني المتسارع وخبرة القنوات العربية حياله بخلاف القنوات الإسلامية الناشئة (في معظمها) والتي تحتاج لوقت (فضلا عن الجانب المالي والبشري) لاستيعابه وتوظيفه. ولاحظ الأحمد أن القنوات العربية تعتمد على الدراما (المسلسلات والأفلام) والتي تمثل شعبية كبيرة لدى المشاهدين (حتى لو كانت غير عربية كالمسلسلات التركية حاليا) بينما ينعدم هذا الأمر لدى القنوات الإسلامية لأسباب شرعية وأيضا مالية، وأشار إلى أن من الملاحظات توفر برامج ومسلسلات متنوعة للقنوات العربية للشراء المباشر؛ بينما تضطر أغلب القنوات الإسلامية الاعتماد على الإنتاج الذاتي والذي يمثل تكلفة عالية، وأيضا خيارات محدودة، إضافة لضعف وحتى انعدام التنسيق بين القنوات الإسلامية في جانب الإنتاج المشترك لتخفيف التكاليف وتطوير المادة البرامجية المنافسة للغير. تكتل للبقاء وأبان أن القنوات الإسلامية لن تصمد مالم تتكتل كي تستطيع أن تصمد في المنافسة فضلا عن أن التوجه العربي هو للباقات وتكتل قنوات سواء في القنوات المشفرة أو المفتوحة على غرار (مجموعة MBC، روتانا، دبي، الجزيرة). وأكد الأحمد أن هناك مجالات لا يمكن للقنوات الإسلامية المنافسة فيها أبدا، تلك التي تعتمد على الغواية والإغراء أو الحرية المطلقة في جانب التعبير عن الأديان أو القيم وهذا يمثل تحديا آخر أمام القنوات الإسلامية لذلك لابد من بدائل مناسبة تستهوي جمهور المشاهدين. وخلص الأحمد إلى أنه رغم التحديات الضخمة أمام القنوات الإسلامية إلا أن مبررات الصمود وأيضا النجاح كثيرة منها أن الناس تميل للدين ومعظم الناس محافظون والخطاب الإسلامي بمجمله مقبول فما بالك إن زين واستخدمت طرائق التأثير الحديثة فيه ، فالمتوقع إقبال الناس. مؤكدا أن كثرة القنوات الإسلامية مستقبلا ميزة جيدة، والأجود أن تكون ذات محتوى عالي الجودة، والتنافس بينها سيرفع مستوى الجودة كما هو متوقع، مشددا على أن المرأة والموسيقى أهم عقبة وتحد أمام القنوات الإسلامية ومعالجة هذه القضية من منطلق شرعي مبني على مراعاة المصالح والمفاسد قضية شديدة الأهمية.