لم يكن يوم أمس ولن يكون هذا اليوم يومين عاديين في تاريخ دول مجلس التعاون، وبالذات بعد أن دعا خادم الحرمين الشريفين إخوانه قادة دول المجلس إلى اتخاذ خطوة تاريخية تطالب بها الشعوب منذ فترة، وتنتظرها، وتتوقع معها تحصينا حقيقيا لكياناتها، وأمانا دائما لشعوبها. لقد طالب الملك في كلمته يوم أمس إخوانه بأن تنتقل دول المجلس الست من صيغة التعاون التي ولدت قبل 32 عاما، إلى صيغة جديدة توحد سياساتها الاقتصادية والخارجية، وتنظم مستقبل شعوبها في الاتجاه الذي يحفظ لها أمانها ويحقق تطلعاتها. لقد كان الملك كعادته أكثر إحساسا بنبض الشارع العربي والشارع الخليجي، بصورة أكثر تحديدا؛ عندما نبه إلى الأخطار والتحديات التي تواجهها هذه الأمة، ودعا في الوقت نفسه إلى اتخاذ قرار تاريخي ينقل دول وشعوب الخليج العربي إلى الكونفدرالية التي لم تعد خيارا بقدر ما أصبحت ضرورة فرضتها طبيعة النمو والتطور والتعاون بين دولنا وشعوبنا. ولا نستبعد أن تجد هذه الدعوة آذانا صاغية من قادة دول المجلس، تجاوبا مع ما تتطلع إليه شعوبها لاتخاذ هذا القرار التاريخي، فالمواطن الخليجي الذي أصبح نسيجا ثقافيا ومجتمعيا وسياسيا واحدا؛ بات أكثر استعدادا الآن للدخول في هذه الصيغة، ومباشرة الاندماج لمجموع مصالح دوله ومواقفها وسياساتها على حد سواء. كما أننا لا نستبعد أيضا أن يتبنى القادة في اجتماعهم الختامي اليوم هذا التوجه المستوعب لكل المتغيرات المحيطة بمنطقتنا، ويصدر بذلك بيان الرياض التاريخي، لنبدأ بعد ذلك مرحلة التنفيذ خطوة إثر خطوة، فالوقت لم يعد يسمح لدولنا وشعوبنا بأن تنتظر أطول، بعد أن حانت الفرصة لاتخاذ هذا القرار العروبي والانتقال إلى مستقبل أكثر أمانا وتحصينا لخليجنا بمواجهة الأخطار والتحديات والمؤامرات التي تحاك ضدنا.