** استوقفني طويلا حديث معالي رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله آل الشيخ إلى الصحافة المحلية يوم أمس في أعقاب انتهاء الاجتماع الخامس لرؤساء مجالس الشورى والأمة والوطني بدول مجلس التعاون، ولاسيما بالنسبة لنقطتين هامتين تناولهما وهما: ** النقطة الأولى.. وتختص بمزايا تعيين أعضاء مجلس الشورى السعودي.. ** أما النقطة الثانية فإنها تتصل بتأجيل النظر في المقترح المقدم من إحدى دول المجلس بإقامة برلمان خليجي موحد لدول المجلس.. على غرار البرلمان العربي أو البرلمانات المماثلة في التجمعات والتكتلات الدولية الأخرى. ** وللذين لم يطلعوا على هذا الحديث أقول إن معاليه ركز على نقطتين هامتين هما: ** إن نظام التعيين بعيد عن الانتماءات الحزبية وسطوة الباحثين عن الشهرة والمصالح الشخصية. ** وإن هذا النظام يطبق مفهوم الشورى في الإسلام والقاضي بمساهمة أهل الحل والعقد بإبداء الرأي والمشورة لولي الأمر في أي أمر يرغب الاستشارة فيه. ** وإذا كان هناك ما يميز حديث معاليه هذا.. فهو أنه كان صريحا.. وواضحا.. ومباشرا.. ولا يحتمل أي تفسير آخر.. ** وقد ذكرني كلام معاليه بأول اجتماع لمجلس الشورى بعد تشكيله عام 1414ه، عندما قال لنا معالي رئيس المجلس الشيخ محمد بن جبير، رحمه الله، «وبالمناسبة فهو شخصية غير عادية».. قال: «لقد اختارنا ولي الأمر لكي نمثل هذا الوطن بكل أمانة ولم يأت بنا إلى هنا لكي نتحدث باسم مناطقنا.. أو نعبر عن القبيلة أو الفئة أو المنشأ الذي ننتمي إليه، لأن الوطن كله وطننا جميعا.. ونحن هنا بمثابة العين المفتوحة على كل الوطن والقلب المتعلق بكل ذرة رمل فيه». ** وصلت الرسالة يومها إلى عقولنا قبل قلوبنا.. وحسم معاليه قضية هامة.. ولم يعد أحد في هذا المجلس يتحدث.. أو يفكر.. أو يقترح بعيدا عن هذا المفهوم المدرك لأبعاد الفوضى التي تحدث في الكثير من البرلمانات بحكم انتماء أكثر الأعضاء لأحزاب.. أو لقبائل.. أو تكتلات أو ثقافات مختلفة. ** ومع أن بدء عمل المجلس قد اقترن ببدء عمل مجالس المناطق.. حتى يتكامل أداء الجميع للمسؤولية.. وذلك بتركيز مجالس المناطق على خدمات ومتطلبات واحتياجات مناطقها باعتبارها مجالس محلية.. ويتفرغ مجلس الشورى لبحث قضايا ومتطلبات الوطن جنبا إلى جنب مهامه التشريعية الأساسية.. ** ومع أن ذلك كان هو الهدف، وهو المبتغى إلا أن المواطن ظل يشعر بأنه لا مجلس الشورى نهض بمسؤوليته تلك.. ولا مجالس المناطق أدت ما هو مطلوب منها.. وتلك قضية تفوق في أهميتها عند أكثر الناس مسألة انتخاب أو تعيين أعضاء المجلسين.. وإن ظلت مسألة الانتخاب تشغل بال بعض الناس.. بالرغم من المخاوف المتصاعدة من وراء أخذ أكثر دول العالم بها رغم سلبيات بعض ما يترتب عليها.. باعتبار أن «الانتخاب» يجسد مبدأ التمثيل لمجموعة السكان ويجسد إرادتهم أيضا.. ** ولا شك أن هذا المنطق سليم ومفهوم بل ومطلوب في وقته ومكانه المناسبين إن شاء الله تعالى، إلا أن مجتمعنا أظهر ردود أفعال سلبية تجاه بعض تجاربنا الانتخابية الصغيرة والمحدودة.. سواء في الغرف التجارية.. أو المجالس البلدية.. أو الأندية الأدبية والثقافية. ** ولذلك فإن علينا كمجتمع أن نتفق «أولا» حتى قبل أن نطالب الدولة باعتماد هذا المنهج في المستقبل..علينا أن نتفق على تقبل نتائج هذه الانتخابات.. إذا نحن مضينا في هذا الطريق.. أو أن علينا أن نقرر شيئا آخر.. كأن نعالج بعض الأعراض.. وإن كنت أعتبرها أمراضا جديدة انتقلت إلينا، وفي مقدمتها عرض شراء الأصوات.. والتأثير عليها بعوامل القبلية أو التوجهات الفكرية المتماثلة.. أو المصالح المشتركة.. وهي الأعراض التي أفرزت انتخابات جعلتنا في حالة أقرب إلى الفزع منها إلى الاندفاع نحو ممارسة التجربة وإنضاجها.. والمطالبة بالتوسع فيها.. ** شيء واحد فقط يجب أن نهتم به ونحرص عليه قبل أي شيء آخر.. وقبل القطع بسلامة الأخذ بأي من المسارين.. أو الجمع بينهما أيضا.. هذا الشيء هو أن الوطن وطننا.. وأن ولي الأمر الذي له حق الولاية علينا يعرف مصالحنا وتركيبة مجتمعنا الثقافية والاجتماعية والأخلاقية جيدا.. وإنه لن يتردد في تطوير التجربة الراهنة.. في الوقت الذي يحقق الأهداف الكلية لهذا الوطن الغالي. لكن المهم الآن هو «نحن».. هو الاتفاق وليس الاختلاف حول ما نريد، وضمان تحقيقه المصلحة العليا لوطننا الذي يحتاج منا اليوم قبل غد إلى درجة قصوى من التلاحم.. والتفاهم.. والانسجام.. لتحقيق المزيد من الرؤى ومن التطلعات ومن الأماني الجميلة والأحلام المشرقة أيضا. *** ** ضمير مستتر «الوطن الذي لا يفكر فيه أبناؤه قبل تفكيرهم في أي مكاسب أخرى.. هو وطن بائس.. وفقير..». [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 400 مسافة ثم الرسالة