وافق أن تزامن افتتاح (الملتقى الأول للمثقفين السعوديين) الذي نظمته وزارة الثافة والإعلام بقصر الملك فهد الثقافي مع اللقاء العلمي الشهري الأول لإدارة المجالس البلدية في نفس اليوم، بل في نفس الوقت تقريباً، ورغم أنه لم ترد تاء التأنيث في اسم الملتقى الثقافي ساكنة أو متحركة في ذلك الوقت! إلا أنه كانت هناك لجنة نسائية عريضة خلف الستار، وبالطبع تعددت العضوات بدءاً برئيسة اللجنة ثم بقية الموجودات من الصحفيات والأديبات وصاحبات القلم.. والمسؤولات المهتمات بالمشهد الثقافي شؤونه وشجونه، ورغم الستار الفاصل إلا أن هناك مشاركات مكتوبة وأحاديث متداولة في أروقة قصر الثقافة ذات رأي صائب وفكر جاد، لا يمكن على الإطلاق تهميشها أو تجاوزها. وعلى سبيل المثال ربما كان الكتيب الخاص بالصحفية الكاتبة (السيدة إيمان القويفلي) الذي شاركت به في الملتقى يعد تعبيراً واضحاً وجلياً يخدم كل من يتطلع للثقافة النسائية كإحدى الواجهات الاجتماعية المرموقة. بل تكاد تكون قد وضعت النقاط على الحروف لحركة الثقافة وكيفية تفعيلها بصفة عامة وحفظ مدخراتها وفي نفس الوقت أعطت للقلم النسائي بريقاً لامعاً يؤكد وجود تاء التأنيث في حروف الهجاء الثقافية وممرات التواصل والتخاطب الفكري والتفاعل الاجتماعي للمرأة. وحين بدأ العرض الرسمي لمحاور الملتقي عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة التي كانت مسجلة عناوينها في البرنامج، خرجت بعض المثقفات إلى فندث الانتركونتننتال للاستفادة أيضاً من اللقاء العلمي الأول لإدارة المجالس البلدية الذي كان يعقد أول مرة بمدينة الرياض يوم السبت الحادي عشر من شهر شعبان لعام خمسة وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة الموافق 25 سبتمبر 2004م الذي أتيحت فيه الفرصة لحضور النساء. كانت زمرة أولئك المثقفات يملكن فضول المعرفة والعلم بالشيء وأنه خيرّ من الجهل به، وهذا ما حدا بهن للذهاب من دون دعوة مسبقة للحضور، عند مدخل (قاعة بريدة) للمؤتمرات بالفندق كان تسجيل الأسماء، واسم الوظيفة، ورقم الهاتف كمعلومات أولية لمن حضرن!.. وفي القاعة انتشرت النساء ولم يكن عددهن كبيراً، كانت الشاشة تنقل تقديم الرجال لأوراقهم من قاعة الملك فيصل للمؤتمرات، فبدأت الورقة الأولى بعد الافتتاح للدكتور محمد بن عبدالله بن سعيد آل زلفة بعنوان (ملامح الدور المرتقب للمجالس البلدية) ثم تلتها الورقة الثانية بعنوان (الجوانب الإدارية لعمل المجالس البلدية) للدكتور فلاح بن فرج السبيعي والثالثة بعنوان (النواحي الشرعية والنظامية والإجرائية في انتخابات المجالس) للأستاذ عبدالعزيز بن محمد القاسم، وأخيراً مشاركة المرأة في الشأن العام) ألقتها الدكتورة فاطمة بن محمد البلوي مستعرضة تجربة مملكة البحرين في هذا الشأن! وقبل الختام بدأت المناقشات والمداخلات التي كان للرجال فيها نصيب الأسد بينما كانت مشاركات المرأة محدودة، ما حدا ببعضهن للاعتراض صراحة من خلال الميكروفون. إحدى المثقفات كانت تنظر إلى الحاضرات بعين الثقافة والغبطة للنساء وهن يلحقن مركزين مهمين وفي نفس اليوم قد ينبئ عن مستقبل نير مبشر بالخير، وبمشاركة المرأة وتفاعلها مع مستجدات الحاضر والمستقل ممثلة نفسها ومجتمعها، وكانت مداخلتها تتضمن عدة محاور وجهتها للقاعة الأخرى وفي ذهنها أفكار وتساؤلات شتى: قالت إن مشاركة المرأة في الشأن العام فكرة رائعة بل ممتازة تؤكد حرص الدولة على (التجهيزية) المفترضة لدور المرأة بشكل أوسع في المجتمع باعتبارها نصفه الآخر المحرك للتنمية والتطوير ولم يدر بخدلها تلك اللحظة أنها قد تكون خارج الانتخابات والترشيح الذي انتشر إعلاناته في كل المراكز بكل مدينة من دون استثناء. ولعل أسئلة واستفسارات تلك المثقفة وغيرها وإن فاتها قطار الترشيح والانتخاب الأول يعد حقا مشروعا لها كفرد من أفراد المجتمع الذي ضمها تعداده السكاني فهي مثلاً تتساءل عن مدى مشاركتها في عضوية إدارة المجالس البلدية، وهل العضوية شكلية أم تنفيذية، ما مدى استفادة المرأة وما مدى الاستفادة من المرأة خلال هذه المشاركة لو افترضناها مما ينعكس إيجاباً على المجتمع النسائي وحل مشاكله فيما يتعلق بالمرأة والأسرة والطفل بصفة عامة، وحين نقول (الشأن العام) فإنها عبارة واسعة جداً فما هو بالتحديد هذا الشأن العام الذي يمكن أن يتيح للمرأة الفرصة للاستنارة بخبرتها والاستناد لرأيها الصائب؟ وحين تمثل بعض المفاهيم ما نسميه بالقوة اللازمة للعمل (كالمال، والفكر، أو ملكة المثابرة، أو المنصب أو القيادة)، ما يتوفر لبعض النساء فهل ستتاح للمرأة أن تشارك في المجالس البلدية بما حباها الله بإحدى هذه الملكات كدافع لها ولغيرها للعمل من أجل المصلحة العامة للوطن العزيز! ثم ما البحوث والدراسات التي يمكن أن تتقدم بها المرأة وفي أي مجال خدمة للمجتمع وأفراده من خلال هذه المجالس؟! ما اللجان المتفرعة عن إدارة المجالس البلدية والخاضة للترشيح والانتخاب ما يحقق الأهداف الإيجابية للمواطنة وتطورها الفعلي في مجال الشأن العام النسائي؟ ثم ما دور المرأة الفعلي في حضور جلسات إدارة المجالس البلدية (مستمعة، متفوهة، مشاركة)! وإن افترضنا وأعطيت المرأة حق التصويت في الانتخابات فما المعايير التي يقوم عليها هذا الانتخاب؟. ما العلاقة المستقلبية لصوت المرأة في هذه المجالس وعضويتها المقترحة غير المتفرعة في مجالس الشورى والمتعلقة بالمجالات النسائية الهامة؟ بعد عدة مداخلات بعضها أجيب عنه (كالتجهيزية) من جانب النساء وبعضها لم يسعف الوقت للإجابة عنه اختتم اللقاء بعرض لائحة هذه المجالس، وظلت كثير من الأسئلة بحاجة للتفسير والعرض والفهم، وربما تكون الإجابات عنها خطوة بناء قد تساعد في إيجاد القناعات والاهتمام والمتابعة لدور هذه المجالس فيما يخدم جميع الأفراد من دون استثناء! بل ومشركتهم في تفعيلها بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالخير الذي أتاحت فرصته دولتهم! كانت علامات الاستفهام تلك وغيرها رهينة الوقت والزمن فقط!.. بديهية في مشاعر الوطنية أمام المرأة وشؤونها بحسب ما كان يتراءى من معطيات! ولكن لم تكن تخلو تلك العلامات والمعطيات من الثقة واليقين في برنامج الإصلاح الملكي وخططه التي وضعها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله من أحبه الصغار قبل الكبار رجالاً ونساء.. وشعروا في ظل قيادته بالأمن والأمان والرخاء وتغنوا باسمه وكلماته الصادقة ومنهجه الأمين.. فبادلهم محبة بمحبة! حتى إذا قال حفظه الله: عبارته الشهيرة (أنا بخير ما دمتم بخير) التقطها الأسماع والاصقاع.. فحفرت تلك المعاني في القلوب قبل العقول بكل عفوية الصدق الأمينة|! اليوم هو الخامس والعشرين من سبتمبر 2011م تتبلور أمامنا مشاعر الوطنية وتتجسد في حقائق تطبيق المواطنة على أرض الواقع من خلال قرارات الملك الفارس الشهم النبيل... التي استبدلت التساؤلات بالإجابات الجزلة الواضحة الناصعة للعالم والتاريخ.. وأن المرأة اليوم ومن قبل هي محور اهتمام الوالد القائد خادم الحرمين حفظه الله وتشكل جزءاً هاماً من منظومة خطط برنامجه الإصلاحي وبالتالي فهي عضو وطني مشارك وفعال ومؤثر لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في وطننا الغالي.. وهذا اعتراف شصي ومسؤول من الأب القائد الملك عبدالله حفظه الله بدور المرأة وتقدير أهميتها ورسالتها التي تؤديها خدمة لدينها ومليكها ووطنها.. وبالتأكيد لم تأت هذه القرارات الملكية بمحض الصدقة وإنما هي نتاج الزرع الأخضر النامي لبرنامج الإصلاح الاستراتيجي الذي نحصده اليوم ولله الحمد نحن وأبناؤنا والأجيال اللاحقة بإذن الله.. وحين تزامنت قرارات خادم الحرمين حفظه الله بمشاركة المرأة في مجلس الشورى ومشاركتها في ترشيح نفسها للانتخابات البلدية مع اليوم الوطني للبلاد كان الوقع أروع وأجمل.. وأمر عمق مفاهيم الولاء والانتماء والحب والثقة في قيادتنا الرشيدة، مؤكداً مسيرة المؤسس الموحد جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ونهجه القويم الذي سار علي أبناؤه الملكوم ومن بعده بخطى راسخة أمينة،.. وما تحظى به المرأة اليوم في هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الملك عبدالله حفظه الله من نيل الحقوق والاعتراف بواجبها ودورها وأهمية مشاركتها في نمو المجتمع وتطويره تحت راية خضراء بالتوحيد والأمن والرخاء هو واقع حي تشهده شتى المجالات التنموية بل جميعها.. مما يحفظ لوطننيا مزيداً من مكتسباته وثرواته الاقتصادية والعلمية والاجتماعية وفي مقدمتها الثروات البشرية!.. صدقاً لا أملك إلا أن أقول بكل فخر واعتزاز: شكراً أبو متعب وعدت ووفيت، وعلينا أن نكون بقدر هذه المسؤولية وبقدر هذه القرارات الطيبة الحكيمة إن شاء الله. فيا خادم الحرمين أنت وموطني عز الزمان ونوره بل أنور ناداك مجد لا عدمت نداءه حر تجاب له المطايا تفخر أبو الرعية والنساء وليهم هل في النساء بدونكم مستأثر في عهدكم غيد الحسان تألقت جاهاً وعلماً والسنابل تنشر كانوا دواماً للمحافل غرة صاروا حقولاً للزهور وأعطر منظومة هامت بفكري شجونها هن النسيب ولحنه والقيثر شمس تغيب ولا يغيب ضياؤها كم في السماء كواكب لا تنكر نعم المليك وغيثه مسترسل ديم على خضر الروابي ممطر يا فارساً وابن الفوارس جلهم إن المديح عن الوفاء مقصر