نحن معشر الكتاب أصبحنا نتفهم ونقدر لماذا لا توافق كثير من الصحف في عالمنا العربي على نشر بعض مقالاتنا المرتبطة بنقد أية شركة أو مؤسسة إذا كتبت مقالة نقدية ضد أعمالها من أي فعل ضد السعوديين أو عدم السعودة أو سوء وتدني خدماتها أو.. أو.. فإنها تقوم فورا بإيقاف إعلاناتها التجارية والتهنئات عن تلك الصحيفة، وبخاصة أن الشركات الكبرى تعلن بالملايين والصحف تهمها تلك الملايين لأن الصحافة تقوم على المعلن، وهنا يكمن المشكل الذي نعاني منها نحن معشر الكتاب. بل إن بعضنا أصبح يعاني من جبروت وعدوان وسطوة وسيطرة الشركات الكبرى التي تهددنا باللجوء إلى القضاء لمحاكمتنا وتغريمنا. أعرف صديقا عزيزا عليَّ كتب مقالا نقديا رائعا ووطنيا عن إحدى الشركات فاتصل به موظف وهو محامي الشركة وهدده أنه سوف يقاضيه ويغرمه مبلغ الخمسمائة ألف ريال إذا لم يعتذر عما كتب، فاعتذر صديقي الغلبان بل أجبر بجروت المال على الاعتذار؛ لأنه لا يملك سوى راتبه الضئيل والذي يمثل .. «حق الزنبيل».. أي مقاضي البيت، فيا ويل من جلست لمقالاته الشركات الكبرى. العجيب أن الحكومة لها إعلانات في كل الصحف والمجلات وكل يوم توجه لها العشرات من المقالات النقدية القوية والصريحة والحزبية ولكن لا تهدد الحكومة أية صحيفة بقطع أو إيقاف الإعلان عنها. نعم يعتذر الكاتب للشركة بسبب الجبروت وأعني .. «جبروت المال».. الذي يقلق صحفا وقادرا على تغريم أي كاتب. هذا الجبروت وبسببه تغيرت قيمنا وأخلاقنا وافتقدنا المصداقية، هذا الجبروت جعلني أشاهد أخا لرجل ثري يركض للسلام على أخيه المليونير أو الملياردير، ولا يستطيع أن يضع عيونه في عيون أخيه ويتحدث وهو ينظر للأرض. على الشركات والمؤسسات الكبرى أن يفهموا ما يتعلق بالمشاعر والأحاسيس بالمجتمع وهذه عملية تحتاج إلى فهم أكبر من فهم جمع المال والثروة على حساب الضعفاء والفقراء بالمجتمع: فإن فهموا ذلك نستطيع معالجة أسئلة الوطن والمواطن، فيكون أبناء الوطن على قدر طموحاتهم. والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض. البريد: [email protected] الموقع: www.z-kutbi.com