أكملت محكمة جدة العامة أمس إجراءات التصديق على إقرارات خمس طالبات تسببن في حادثة حريق مدرسة براعم الوطن، وقررت إحالة ملف القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال التحقيق فيها، واستدعاء من تراه واعتماد الحبس الاحتياطي على من تراه. وعلمت «عكاظ» أن اثنتين من المتهمات شقيقتان. وقال ل «عكاظ» رئيس محكمة جدة الشيخ إبراهيم القني «إن المعاملة وصلت الساعة الحادية عشرة مع مندوب من الدفاع المدني، وأحيلت إلى القاضي مصعب العسكري، لإكمال اللازم وضبط التصديق»، لافتا إلى أن «دور المحكمة انتهى في هذه المرحلة وتليها مرحلة التحقيق في هيئة التحقيق والادعاء العام وفق اختصاصها، وبعدها يقرر المدعي العام إحالة من توجه إليه التهمة إلى القضاء، سواء إلى المحكمة العامة في حالة المطالبة بالقصاص، أو إلى المحكة الجزئية في حالة المطالبة بالتعزير دون القصاص». وبين القني أنه يتضح من القراءة الأولية لأقوال الطالبات إن ما وقع منهن يندرج تحت باب «العبث»، لكن المسؤولية الجنائية والحكم فيها متروك للقاضي ناظر القضية، عقب استكمال التحقيق من قبل هيئة التحقيق والادعاء العام. وأضاف أن المدعي العام قد يوجه التهم إلى آخرين غير الطالبات الخمس، وقد يطالب بقتل أي من المتهمات وإن كان هذا الأمر مستبعدا فتحال عندئذ إلى المحكمة العامة بحكم الاختصاص، وقد يطالب بتعزيرهن ما دون القصاص فتحال إلى المحكمة الجزئية، مستبعدا إيقاع عقوبات قاسية بحق الطالبات بعد أن بينت التحقيقات الأولية أن ما وقع يعد عبثا ولهوا، وهو ما دعا لإطلاق سراحهن وتسليمهن لأولياء أمورهن. وأوضح أن «دور المحكمة العامة يقتصر حاليا على توثيق الاعترافات ولن تجري أية محاكمة لهن حاليا إلا عقب تحرير لوائح الادعاء العام، وهذا أمر يستغرق بعض الوقت». وردا على سؤال عن تراجع أي من الطالبات عن أقوالها قال «أستبعد ذلك، ولكنه أمر محتمل، ولن يغير مسار القضية كون ما ذكر في أقوالهن يؤكد عدم وجود القصد الجنائي، وفي حال تراجعهن عن أقوالهن تصبح المصادقة على أقوالهن قرينة قوية»، مؤكدا «أن الطالبات أدلين باعترافاتهن بحضور أولياء أمورهن، وأطمأنت المحكمة أنه لم تمارس على أي منهن أي ضغوط أو إملاءات». وجالت «عكاظ» أمس في المحكمة العامة التي استقبلت المعاملة الواصلة يدويا من مندوب الدفاع المدني، ثم أحيلت إلى المكتب القضائي الخامس، على أن تمثل كل طالبة للتوقيع على الأقوال أمام القاضي مع ولي أمرها في الوقت المناسب لها، دون إلزامها بحضور إجباري في وقت محدد. وأكدت مصادر مطلعة في هيئة التحقيق والادعاء العام، تسلمها الملف للبدء في التحقيق من مرحلة الصفر، واستدعاء كل من يرى المحقق مثوله لجهة التحقيق، مشيرة إلى أن جميع الاحتمالات تظل قائمة أمام جهة التحقيق. وزادت المصادر أنه من السابق لأوانه الحديث عن سيناريوهات القضية، حتى تنتهي هيئة التحقيق والادعاء العام من مجريات التحقيق وإعداد لوائح اتهام، لافتة إلى أن دائرة الاعتداء على النفس هي التي ستتولى ملف التحقيق في القضية وأن إيقاف أي من المتهمات، سواء الطالبات الخمس أو أية معلمة أو إدارية أو أي طرف من أطراف القضية، متروك لتقدير ورؤية المحققين، وأنه في حالة حبس أي متهم احتياطيا سيكون ذلك وفق نظام الإجراءات الجزائية، ويكون الإيقاف في مؤسسة رعاية الفتيات. وبينت المصادر أن المدعي العام سيحرر عقب انتهاء التحقيقات لائحة اتهام لكل من يثبت تقصيره أو إهماله أو تقاعسه منهن، وسيوصي بتعزيرهن على الوجه الشرعي، وفي كل الأحوال يطلب المدعي العام معاقبة كل مهمل ومقصر ومن له علاقة بالحادث، سواء بالدية الشرعية أو التعويضات. وتتوقع المصادر أن يوجه المدعي العام للطالبات تهمة الإهمال والتسبب في إزهاق أرواح وممتلكات، وقد تطال التهم إدارة ومالك المدرسة والمراقبات والإداريات والمعلمات لغيابهن عن متابعة الطالبات المتهمات، والسماح لهن بإشعال النار عبثا، وبالتالي توجيه تهمة الإهمال الإداري دون قصد جنائي والمطالبة بتعزير كل مقصر ومهمل. من جهته، أبدى الدكتور عمر الخولي المستشار القانوني لهيئة حقوق الإنسان، استياءه من تحقيق اللجنة مع الطالبات، وقال «التحقيق بمفهومه القانوني في مثل هذه الحالات هو حكر على هيئة التحقيق والادعاء العام وفق نظام صادر بمرسوم ملكي»، مبينا أن التحقيقات التي أجريت مع الطالبات والمعلمات بعد ساعات من وقوع الكارثة إجراء يلقي بظلال من الشك على صحة المعلومات المستقاة منهن، في وقت لم يزلن يعانين من آثار الفاجعة. وأضاف أن الأمل منعقد على الدائرة المختصة في هيئة التحقيق والادعاء العام وهي دائرة الاعتداء على النفس، في أن تتجاهل ما أدلي به من أقوال، وأن تعول على ما يجري الإدلاء به أمامها من أقوال. ومن المؤمل في هيئة التحقيق والادعاء العام أن تتوسع في تحقيقاتها على نحو يشمل كافة الظروف والملابسات التي أدت إلى اشتعال الحريق، وتفاقم الكارثة مع مراعاة أن التحقيق مع الطالبات القصر يكون بحضور أولياء الأمور. وختم بقوله «أما عن المسؤولية الجنائية بالنسبة للقصر وهم دون سن البلوغ، فإن عمد القاصر يعامل معاملة الخطأ، ومن ثم تسقط عنهن المسؤولية الجنائية ويكتفى بالمسؤولية المدنية أو التقصيرية». وفي السياق ذاته، طالب المحامي والمستشار القانوني سعد المالكي، بعدم التسرع في إدانة أية جهة أو طرف قبل استكمال ملابسات القضية من قبل هيئة التحقيق والادعاء العام، ومن ثم إحالتها إلى القضاء، معتبرا أن الطالبات القاصرات لا تقع عليهن المسؤولية الجنائية، بل المسؤولية المدنية من ديات وتعويضات في الخسائر حسبما ترى جهة التحقيق توجيه تهم لأي طرف آخر في المدرسة. وأضاف: كل الاحتمالات يجب وضعها في الحسبان مع معرفة دور منسوبات المدرسة في متابعتهن ومراقبتهن، فضلا عن أي دور للمالك في توفير وسائل السلامة. وعن الجهة الملزمة بالتعويض للمتوفيات والمتضررات في حالة ثبوت ضلوع الطالبات في إشعال الحريق، أكد أن كل هذه الأمور ترجع لتقدير القضاء وحسب نسبة الخطأ على كل طرف، سواء في موضوع الدية للمتوفيات أو التعويض للمتضررات.