في نهاية العام قد نتأمل في أحداث السنة بأكملها.. بحلاواتها ومراراتها ومفاجآتها وقد يذهلنا معدل نمو التصرفات الشرانية التي أثرت على حياتنا بشكل أو آخر. لاحظ أنها تبدو وكأنها تنمو، بل وتترعرع بمحاور جديدة قد لا تخطر على البال. لنبدأ من زوايا مختلفة فقد بدأت هذا المقال عندما هبطت ناموسة جريئة على جلدي برفق لا يحلم به أفضل طيار. ثبتت نفسها على ذراعي ثم بصقت أعزكم الله على جلدي لتمهد لعملية سحب دمي. تستخدم لعابها للترطيب و للتخدير الموضعي استعدادا لإدخال إبرتها الطويلة المؤذية، وصولا لأوعيتي الدموية. وبالرغم من محاولتي لقتلها، إلا أنها أقلعت بخفة بالرغم أن كمية الدم الذي سحبته كان يفوق وزنها الفارغ بحوالى ثلاثة أمثال، وفي ذلك معجزة هندسية يحسدها عليها عالم هندسة الطيران. وينقل الناموس الأمراض سنويا لأكثر من سبعمائة مليون إنسان ويقتل أكثر من خمسة آلاف شخص يوميا. ولكن سبحان الله أن بعض أغرب خصائص الشر ستجدها في عالم النبات ففي «النيكوتينيا تاباكم» وهي مصدر «التنباك» تجد مجموعة سموم مهمتها إبعاد بعض الحشرات الضارة عن النبتة. طبعا عندما أنشئت صناعة التبغ باستخدام هذا النبات انتقلت هذه السموم، وتنتقل يوميا من خلايا النبات إلى خلايا البشر حيث تدمر الصحة. وهناك أكثر من خمسة ملايين من ضحايا التدخين سنويا بالإضافة إلى ملايين المرضي الذين يعانون من شرور «التتن». وفي عالم النبات ستجد أيضا «الكاثا إيدوليس» وبالرغم من اسمها الجميل فهي نبتة القات وهي مشبعة بالسموم الشريرة التي تفتك بملايين البشر وبحضارتهم. وهناك أيضا زهرة الخشخاش التي يستخرج منها الأفيون لتقوم بدور أكبر وأقوى، وتضيف عنصر الحرب بين البشر حولها سواء كانت في كولومبيا أو أفغانستان. سبحان الله إنها تجلب أجواء القتل أينما وجدت. ومن مفاجآت الشرانية هو أنها لا تقتصر على الكائنات الحية فمادة البلوتونيوم المشعة مثلا من المواد التي اقترن اسمها بالدمار الشامل. لن تجدها في الطبيعة لأن نواتها مشحونة بالبروتونات والنيوترانات لدرجة أنهم لا «يطيقون» بعضا، وهم في حالة دائمة للخروج ولذا فهي من المواد المشعة. ولديها أيضا بعض من أغرب الخصائص الكيميائية فتجدها في بعض الأحيان صلبة كحلوى «طبطاب الجنة» وتارة أخرى تجدها لينة كحلوى «اللبنية». وهي من المواد القليلة التي ترتفع كثافتها عندما تنصهر. الوضع عكس ذلك بالنسبة للمعادن الأخرى الطبيعية فالكثافات عموما تنخفض عند التحول من الصلب إلى السائل. ولكن الأهم من كل هذا أنها تجسد مبدأ «السم الهاري» في أقوى أدواره، فهي تقتل من على بعد فلا تحتاج أن تلمسها لتصلك شرورها. وطبعا كل هذا في واد وشرور البشر في واد آخر. لاحظ أننا من المخلوقات الفريدة التي تقتل لأهداف لا علاقة لها بالغذاء ولا حتى بالبقاء. ولكن المخيف فعلا هو تطويع التقنيات الجديدة لتيسير الممارسات الشرانية. بعضهم يؤسسون مجالس ووزارات و«شغل ثقيل ومرتب» وكأنهم يمارسون الحضارة، والمثال الأول لذلك هو ما تمارسه سلطات الإحتلال في فلسطين. أمنية سأنهي المقال لأنه تشبع بذكر الشر، ولكن في النهاية تخيل كثافة الشر الذي يمارس يوميا ضد البشر وبالذات في فلسطين. أتمنى أن نتذكر أن السكوت على الشر في أي مكان هو تهديد للخير في كل مكان، وأن نتذكر أيضا أن الله عز وجل يمهل ولا يهمل. وهو من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة