من أهم خصائص المأكولات البساطة والاقتصاد وإرضاء جميع الحواس، بدءا بالشكل، الحجم، اللون، الرائحة، النكهة، الملمس، والمذاق، وربما بالصوت أيضا.. تأمل مثلا في فرقعة الجيوب الهوائية الدقيقة في التفاح والتي نستمتع بها بدون أن نفكر في روائعها.. وللكيك بالذات مكانة خاصة جدا بلونه الأصفر الجميل، وملمسه الناعم، وطعمه الحلو البسيط، ومكوناته الاقتصادية.. كان من «نجوم» السفرة السعودية، و«الحلى» الراقي في تاريخ المملكة بأشكاله وأنواعه المختلفة، وفى مكة كان بعض الأحيان يباع باسم «الكماج» بفتح الكاف والميم.. وبالرغم من خصائصه الجميلة، فهناك «كيك» من نوع آخر يحتوى على بعض جوانب الشر.. لو فكرت فى أغرب المواد الطبيعية على كوكب الأرض.. ستجد أن هناك مجموعة مواد غير مستقرة، وإحداها تبدأ مراحل تصنيعها كبودرة «كيك» صفراء.. وكمادة فهي على «الحركرك» من ناحية عدم استقرارها واحتمال أن «تطق» من داخلها.. وأرجو المعذرة على هذا الوصف لمادة اليورانيوم، ولكنني أجد أن إشعاعه العجيب يعكس عدم الاستقرار بسبب أن قلبه مشبع لدرجة «الطرشقة».. ولا تنافسه في كثافته إلا النوادر من المواد الطبيعية على كوكبنا.. كأن قلبه عبارة عن كيس مشتعل وممتلئ بالحقد والكراهية لدرجة تكاد تشققه.. وتاريخه عجيب جدا، فقبل اكتشاف المواد المشعة، كان يعتبر من الشوائب التي كانت تلتصق بمادة الفضة لدرجة أن اسمه التاريخي كان «بيخ بلند» باللغة الألمانية pech blende ومعناها «خلطة الزفت» لأن لونها كان أسود، وكانت تشكل عناء للتخلص منها في مناجم الفضة فاشتهرت باسم «صخرة الحظ السيئ»، فكانت ترمى على جوانب المناجم كقمامة معدنية.. ولم تكتشف لهذا المعدن أية فوائد إلى نهاية القرن الثامن عشر، وتمت تسميته على كوكب جديد وهو كوكب «أوارنس».. ثم اكتشف الدكتوران «ماري» و«بيير» كوري خصائصه المشعة في مطلع القرن العشرين، وطورت استعمالاته كمكون رئيس للقنبلة الذرية في مطلع الأربعينيات الميلادية، حيث تم حشر حوالي ستين كيلوجراما منه بداخل أشهر قنبلة في تاريخ البشرية، والتي ألقيت على هيروشيما في 6 أغسطس 1945. ونعود إلى بودرة الكيك الأصفر فنجد أنها ترمز إلى مادة صفراء أغلبها أوكسيد اليورانيوم.. وهو عبارة عن ثلاث ذرات يورانيوم محاطة «بمهدئات» مكونة من ثماني ذرات أوكسجين تكبح لجام تفاعلات «الطرشقة» في قلب المادة المشعة.. وتكون هذه المادة الخلطة الشهيرة باسم «الكيك الأصفر» وهي خلطة خام اليورانيوم النقي البعيد عن «العفرته».. ويصدر هذا الخام من العديد من الدول، ومنها روسيا، وأستراليا، وبعض الدول الأفريقية.. ويستخدم في استعمالات الطاقة الذرية المختلفة.. وتوجد حالتان لاستعمال هذا «الكيك» تستحقان الذكر، أولاهما الدور الذي لعبته قصص ادعاءات استيراد العراق لكميات كبيرة منه وتفسير ذلك كوجود أسلحة الدمار الشامل عام 2003.. والذي كان إحدى أهم حجج الإدارة الأمريكية السابقة لغزو بغداد.. وهناك قصة أخرى مهمة لنا وهي آلية تهريب الكيك الأصفر بكميات كبيرة لبدء البرنامج النووي الإسرائيلي في عام 1965.. والقصة باختصار هي عملية «خيار شمشون» وترمز لخطة تصنيع القنابل الذرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في مفاعل «دامونا».. الموضوع تضمن استدراج شركة ألمانية غربية لتوفير 200 طن من الكيك الأصفر.. صعبة شوية لأن استيراد تلك الكمية الكبيرة من تلك المادة بالذات مثير للشكوك والتساؤلات.. طبعا الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» لعبت دورها فقامت بتمثيلية أقنعت الجهات المعنية الأوروبية أن المادة ستستخدم من قبل الشركة الألمانية لصناعة الصابون والدهان في إيطاليا.. «مو غلط».. وتم شراء باخرة شحن بعلم وتسجيل ألماني اسمها «شيرزبورج»، ووضع عليها طاقم كامل من الممثلين لتحمل البضاعة من بلجيكا إلى ميناء ميلانو.. وبعد تحميل الكيك، اختفت الباخرة في عرض البحر لتظهر في أحد الموانئ الإسرائيلية سرا.. ثم عادت فظهرت بعدها بأسبوعين بدون حمولتها، وبطاقم مختلف في ميناء اسكندرونة في جنوب تركيا.. شغل ثلاث ورقات إسرائيلية في أقوى أدوارها. أمنية عندما أنظر إلى أبنائي الصغار أثناء نومهم، يقلقني ويزعجني ويخيفني أن هناك أكثر من 200 رأس نووي موجهة من مجموعات من الهمجيين اليوم وكل يوم نحو الدول العربية، وأهم الأهداف بدون شك هي في وطننا، وعلى بعد بضعة كيلومترات من موقعي الذي أكتب فيه هذه الكلمات، وغالبا من موقعك حيث تقرأها الآن.. مكةالمكرمة، والمدينة المنورة، والرياض، وجدة.. أتمنى أن نتذكر ذلك في تفسيرنا للمعنى الحقيقي للإرهابيين والترهيب، وأن يقينا الله عز وجل شرورهم.. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة