جميع المعادن صلبة في وضعها «الطبيعي»، يعني تحت ظروف الحرارة والضغط الطبيعية.. ستجد الحديد، والنحاس، والذهب، والفضة، والألمونيوم وغيرها صلدة. وفجأة تجد الزئبق وكأنه «عفريت» المواد، فهو المعدن الوحيد السائل الذي يجري بميوعة أشبه بالسحر، ولو تعرض لصدمات فيتفتفت إلى كريات صغيرة، ولو جمعتها فتعود إلى حجمها الأول. وخصائصه العجيبة لا تنتهي بكونه سائلا، فهو من المواد التي تختص بما يمكن أن نصفه وكأنه «شوفة حال»، فهو في الغالب لا يتحد أو يتفاعل كيميائيا مع المواد الأخرى إلا بصعوبة. لا «يحب» إلا نفسه. واسم الشهرة لهذا المعدن هو «ماء الفضة» وهذا هو اسمه في ألمانيا Quecksilber، وفي عالم الكيمياء نجد أن شهرته مقرونة بلونه الفضفاض، فاسمه العلمي هو «هايدراجيريم» hydragyrum أي الماء الفضي ولذا فالرمز الرسمي الكيميائي المأخوذ من ذلك الاسم اللاتيني هو Hg. وخصائص هذا المعدن الفريد تشمل مميزات في نقل الطاقة الكهربية، ولذا فقد استخدم في العديد من لمبات «النيون»، ولا يزال يستخدم في العديد من المفاتيح الكهربية، والبطاريات. وبالرغم من «شوفة الحال» الكيميائية، فنجد أن له شغف في الاتحاد بمادة الكبريت بالذات تحت ظروف معينة. وبداخل الجسم البشري يشكل هذا الاتحاد كوارث طبية تصل إلى الوفاة ولذا فيعتبر ضمن من مجموعة «السم الهاري». ولكنه كباقي السموم يعتمد على مستوى التركيز، فكل يوم نأكل في كل وجبة كميات ضئيلة وغير مؤذية من الزئبق. ونجد أن هذا المعدن قد استخدم في العديد من الأدوية عبر التاريخ والعديد منها «جابت أجل» الغلابى الذين استخدموها، ومنهم مثلا العالم المشهور إسحق نيوتن. ومن الاستخدامات العجيبة للزئبق التي نتعرض لها هي في مجال طب الأسنان. فضلا فكر في كمية الحلويات التي أكلتها خلال الشهر الماضي وبالذات تلك التي التصقت بأسنانك والتي قد تؤدى إلى النخر، والحاجة إلى علاج ذلك بحشو الأسنان. لعلمك أن معظم حالات ذلك حشو تعتمد على ما يسمى «الأمالغم» وهو عبارة عن خلطة يتم بها تغطية الثقوب التي سببها «طبطاب الجنة» و «اللوزية» وما شابههما من دمار لأسنانك. وإحدى المكونات لتلك الخلطة هي لتأكيد ليونتها المبدئية وتعتمد على الزئبق. يستخدمها أطباء الأسنان لحشو الأسنان ثم يتم التخلص منها. ولكن لاحظ أنها لا تختفي تماما لأنها تدخل إلى المياه التي يتم تصريفها. فكر في كمية الزئبق التي تنبع إلى البحر والى التربة لأن نظام الصرف الصحي لم يكتمل في مدينتنا إلى اليوم.. أمنية من أهم خصائص الزئبق هو عدم القدرة على الإمساك به لأنه يتمتع بسيولة بالرغم من كونه من المعادن. وسبحان الله أن بعض البشر أصبحت لهم قدرات في توليد الأعذار تجعلنا نتذكر خصائص الزئبق. وللأسف فإن هذه الفنون تنمو ويتم صقلها من قبل أعلى المستويات كما نسمع من تصريحات المسؤولين الذين تسببوا في قتل وأذية الأبرياء في ليبيا، وسورية، ومصر، وقبلها في فلسطين. أتمنى أن نرفض هذه التصرفات «الزئقبية» وأن تدون بمصداقية في التاريخ. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة