في الوقت الذي ما زالت فيه حادثة حريق المدرسة المنكوبة في جدة تفرض حضورها على المجالس وأجهزة الإعلام والمواقع الإلكترونية لما صاحبها من تداعيات مفجعة، أمر صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد وزير التربية والتعليم بتشكيل لجنة من الوزارة للتحقيق في حادث حريق المدرسة المنكوبة في جدة. وفي سياق مرتبط بالفاجعة اطمأنت نائبة وزير التربية والتعليم للشؤون التعليمية الدكتورة نورة الفايز أمس على حالة المصابات العشر في مستشفى الجدعاني، منهن طالبة في الرابعة من عمرها ما زالت في العناية المركزة، فيما يبلغ أعمار الطالبات من 5 إلى 15 سنة، فضلا عن معلمتين ومديرة المدرسة عبير إبراهيم مطر. وكانت نائبة الوزير وصلت إلى مقر المستشفى حاملة باقات الورود لكل طالبة من المصابات العشر واطمأنت على سلامتهن. وضربت نورة الفايز أروع المثل في روح الأم الحنون قبل أن تكون مسوؤلة أو نائبة وزير، وقالت للمصابات «لقد أصابنا الفزع والخوف عليكن ونحن قلوبنا مفتوحة ومشرعة لأي طلبات أو احتياجات يمكن تقديمها». وامتصت الدكتورة نورة الفايز انفعال وغضب أحد الآباء الذي حمل وزارة التربية والتعليم مسؤولية أرواح الأبناء بتطبيق العقوبات الصارمة ضد أية مدرسة حكومية أو أهلية لا تطبق المواصفات التي تضمن سلامة أبنائهم وفلذات أكبادهم. وقالت الدكتورة نورة الفايز، إن وزير التربية أصدر تعليمات عاجلة للتحقيق في ملابسات الحريق ورفع التقارير التي أدت إلى حدوث هذا الأمر، ولكنه أيضا قضاء الله وقدره. وطلبت الدكتورة الفايز من الأب عبدالله العتيبي والد إحدى الطالبات المصابات كتابة كل ملاحظاته، وحين قال لها «لا تفيد الكتابة»، أخرجت كرتها الخاص وقالت له «هذا جوالي وهاتفي وإيميلي وأنا مستعدة لتلقي أي ملاحظات يبديها أي أب أو طالبة أو من شهد الحادث أيا كان، فالهدف يهمنا جميعا أن نتداركه أيا كان ولن نغلق أبوابنا ولن نصمت تجاه أمور تهدد سلامة وأمن الطالبات». ودعت نورة الفايز الله سبحانه وتعالى أن يمن على المصابات بالشفاء العاجل وأن يرحم المتوفيات ويدخلهن فسيح جناته وهن شهيدات بإذن الله لأنهن كن يؤدين أفضل رسالة في الوجود رسالة العلم. وكانت نائبة وزير التربية والتعليم تستمع بقلب متسع لكل صغيرة وكبيرة من الطالبات ومن الآباء ومن الملاحظات التي كانت سببا في حدوث المشكلة. كما زارت نائبة وزير التربية والتعليم مستخدما في المدرسة تولى إنقاذ الطالبات وقد أصيب بحالة نفسية جراء ما شاهده خلال الحريق. وزارت الفايز طفلة السنوات الأربع في العناية المركزة كما اطمأنت على مديرة المدرسة عبير مطر، التي رفضت أخواتها وإخوانها أن يدخل عليها أحد سوى نائبة الوزير ومدير الشؤون الصحية، ورفضت الإدلاء بأي حديث أو تصريح، ولوحظ الغضب وعدم الارتياح من قبل أخيها لوجود الصحافة ورجال الإعلام. وأوضح مدير التعليم في منطقة مكةالمكرمة عبدالله الثقفي أن الدراسة ستتوقف أسبوعا كاملا في مدرسة براعم الوطن إلى جانب أن فريقا تربويا نفسيا سيتولى زيارة المصابات برئاسة رئيسة الإرشاد حياة المطوع. وقالت الطالبة رازان النجار، ثاني متوسط، «الطالبات شاهدن الدخان فخرجن مع المعلمة إلى غرفة المعلمات وبدأ الدخان يخنقنا وكنا مجموعة وكسرنا الشباك وكنا في الدور الثالث، وأعاني من حروق ورضوض»، موضحة أن الحرارة والدخان أجبرت بعض الطالبات لإلقاء أنفسهن من الطابق الثالث، وأنها حين كانت في الفصل سمعت صراخا عاليا ودقت الأجراس الخاصة بالإنذار». وقالت أخت الطالبة ديانا النجار، إن الطالبات رمين أنفسهن قبل أن يضع الدفاع المدني الاسفنجات، وكانت عملية التدخل بطيئة جدا ورمت أغلب الطالبات والمعلمات أنفسهن على الأرض دون وجود اسفنجات إلى جانب أن المعلمات لم يكن لديهن دراية بخراطيم الماء وطفايات الحريق ذات الرغوة وهو ما ساهم في رفع عدد الحالات التي ألقت بنفسها هربا من الاختناق وشدة الحرارة. ومن جهته، قال المدير الطبي في مستشفى الجدعاني، الدكتور إبراهيم يوسف «الحالات لو تأخرت أكثر مما يجب لحدثت حالات وفاة أكثر لكن بحمد الله قرب المسافة وسرعة طب الطوارئ في وزارة الصحة والهلال الأحمر وبالطبع استنفار الفرق الطبية في المستشفى، كل هذا ساهم في سرعة الإنقاذ كما قمنا ببعث فريق طبي كامل إلى مقر المدرسة قامت بالإسعافات الأولية ثم نقلهم إلى المستشفى». وقالت الممرضة منيرة محمد، رئيس التمريض إنها أصيبت بحالة من الخوف خاصة حينما شاهدت طالبات صغيرات يتعرضن للحريق، مؤكدة أن العامل النفسي والخوف أشد ضررا عليهن من الحادث نفسه. وقال المعلم وولي أمر الطالبة لين ممدوح العتيبي، «أنا مدرس وحين سمعت الخبر خرجت كالمجنون وجئت إلى موقع المدرسة وكانت هناك فوضى كبيرة، كنا في وضع مؤلم وإن من بلغه بالحريق حارس المدرسة، وجئت من مدرستى التي تقع عند الفحص الدوري وقطعت كل الإشارات خوفا على ابنتي وحين وصلت وجدت بنات صغيرات على الأرصفة وتجمعا كبيرا من المارة». وأكد العتيبي أن تدخل المواطنين كان أسرع من تدخل الأجهزة الأخرى وعند الساعة الثانية والربع بعد أن رمت أغلب الطالبات أنفسهن من الدور الثالث. ومن جهتها، قالت لين ممدوح العتيبي المصابة «في البداية المعلمة قالت ترتيبات الحرائق تجربة وهمية وفجأة دخلت مدرسة الوسائل التعليمية، وأكدت أن هناك حريقا وجرينا من الدرج وفي منتصف الطريق رجعت من كثافة الدخان هربا إلى السطح». وقال مناع العمري جد إحدى الطالبات «حين وصلنا إلى مقر المدرسة لم نعرف من الحي ومن الميت، حيث كانت هناك موجة فزع وهلع وخوف». وأوضحت ريناد الشهري أنها فوجئت ببعض الناس يحملونها إلى خارج المبنى، فيما أوضحت والدتها أن يوم الكارثة كان يوما مؤلما. ووفقا لرئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور شالي عطية الجدعاني ومدير الطوارئ في المستشفى حسن إبراهيم والمدير الطبي إبراهيم يوسف، أن قسم الطوارئ تلقى قبل الساعة الواحدة إعلان حالة الطوارئ ورفع الاستعدادات إلى اللون الأحمر لاستقبال 47 حالة مصابة من جراء حريق في مدرسة براعم الوطن. وقال المسؤولون في المستشفى «المستشفى استنفر كافة الطاقات من أطباء وممرضين وفنيين وتجهيز غرف العمليات والعناية المركزة لاستقبال الحالات، وجرى إسعاف كافة الحالات ما بين الساعة الواحدة وحتى الخامسة عصرا، بوجود فرق طبية وصلت أيضا إلى المستشفى تابعة لوزارة الصحة». وأوضحوا أن هناك ما لا يقل عن 40 طبيبا و80 ممرضة وممرضا أشرفوا على عملية إسعاف الحالات ومعالجتها ولم يبق في المستشفى إلا عشر حالات.