صعدت باريس من وتيرة تهديدها ورفعت العصا أمام إيران إثر إعلان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمس بأنه بات من الضروري إحالة ملف طهران النووي إلى مجلس الأمن، داعيا إلى فرض عقوبات قاسية عقب صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأفصح جوبيه لإذاعة فرنسا الدولية قائلا: نحن مصممون على التحرك، ولا بد أن يدين مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصرفات إيران، إذ باتت إحالة الملف إلى مجلس الأمن ضرورية، مسترسلا بأن فرنسا مستعدة مع من يريد ذلك، أن تذهب إلى أبعد ما يمكن في تشديد العقوبات لحمل طهران على الرضوخ. وأضاف لا بد من عقوبات قاسية تمنع إيران من مواصلة حصولها على موارد تمكنها من الاستمرار في نشاطاتها وانتهاك كل القوانين الدولية. ووصف الوزير الفرنسي تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالشديد الإدانة لأنه يدل على أن في كل التكنولوجيا التي تؤدي إلى صنع السلاح النووي، تواصل إيران نشاطاتها وما زالت ترفض حوارا شفافا مع الوكالة الدولية. وتابع إن هذا الوضع غير مقبول لأنه إذا تمكنت إيران من السلاح النووي، فإنها ستشكل خطرا على الاستقرار والسلام في المنطقة وخارجها. وفي تقرير لها أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن مخاوف جدية بشأن برنامج إيران النووي استنادا إلى معلومات «ذات مصداقية» تفيد أن طهران تعكف على إنتاج السلاح النووي. ومن جهتها طالبت إسرائيل المجتمع الدولي بفرض عقوبات اقتصادية شديدة على إيران عقب نشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية، لكن مسؤولا إسرائيليا قال: إنه رغم التقرير فإن إيران لن تتمكن من تطوير سلاح نووي قبل مرور عدة سنوات. ونقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية أمس عن مسؤول سياسي رفيع المستوى في الحكومة الإسرائيلية قوله: إنه لن يكون أمام المجتمع الدولي مفرا من فرض عقوبات على إيران بهدف شلها ومن ضمن ذلك عقوبات ضد اقتصاد الطاقة وجهازها المصرفي. وأضاف المسؤول الإسرائيلي إنه بإمكان خطوة كهذه فقط أن تقف في طريق طهران لمنعها من تحقيق قدرة نووية عسكرية، مشيرا إلى أنه بواسطة تقرير الوكالة الدولية ثبت أن المعلومات الاستخباراتية التي استعرضتها إسرائيل بشأن نوايا طهران في السنوات الأخيرة كانت صلبة والتقديرات كانت صحيحة. ووجه مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعليمات للوزراء الإسرائيليين بعدم التحدث إلى وسائل الإعلام والتعقيب على تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية بعد صدوره البارحة الأولى. وأعلن مكتب نتنياهو أنه تتم حاليا دراسة التقرير والهدف هو ألا يفكروا بأننا كنا مستعدين ولدينا رد فعل جاهز، وقررنا إبقاء المنصة للآخرين في إشارة إلى ردود فعل دولية. وأفادت صحيفة «معاريف» بأن مسؤولين في مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية في إسرائيل عقدوا اجتماعا الليلة قبل الماضية تم خلاله التداول في تقرير الوكالة وتقرر أن لا تعقّب إسرائيل عليه في الوقت الحالي وإبقاء الساحة الإعلامية للولايات المتحدة والدول الأوروبية. من جانبه وصف رئيس لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية السابق العميد في الإحتياط عوزي عيلام السجال في إسرائيل حول هجوم محتمل ضد إيران ب «الهيستيريا»، وقال إن هذا السجال والنقاش العام ليس مبررا وأن تقرير الوكالة الدولية لا يقصر المدة التي ستستغرقها إيران للتوصل إلى قدرة تهديد نووي. وقال رئيس اللجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست شاؤل موفاز: إننا نقترب من واقع توازن الرعب في الشرق الأوسط، ومدى صواريخ إيران يغطي معظم العواصم الأوروبية ومن يعتقد أنه محصن فإنه مخطئ، ودعا إلى تعميق العقوبات الاقتصادية ضد إيران. واستدرك بأنه في اليوم الذي يصل فيه العالم إلى نقطة القرار المصيري بممارسة القوة العسكرية، فإنه علينا أن ندرس أيضا عواقب اليوم التالي بالنسبة للشرق الأوسط، وهي عواقب وخيمة جدا. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية يفتح «نافذة صغيرة» أمام العالم لمنع إيران من تطوير برنامجا نوويا عسكريا، لكن لا توجد في إسرائيل توقعات كبيرة بأن تكون هذه العقوبات شديدة، مشيرة إلى أن روسيا والصين ستسعيان إلى إضعاف عقوبات كهذه.