قضيت في دبي بضعة أيام مع عائلتي، أصيبت خلالها ابنتي «شعاع» بمرض مفاجئ ومزعج شعرت معه بحرارة شديدة وقيء مستمر وأشياء أخرى، ولم يكن أمامي إلا أن أطلب من الفندق استدعاء الإسعاف لمساعدتي في هذه المحنة .. ونظراً لثقافتي «الإسعافية !» فقد كنت أتساءل كيف سيكون حال ابنتي عندما يصل الإسعاف؟! وأين سأذهب بها في مدينة لا أعرف فيها إلا القليل؟! وبينما كانت هذه الأسئلة تدور في ذهني دق جرس الهاتف لأجد على الطرف الآخر شخصاً يسألني عن حالة ابنتي، والأعراض التي تنتابها، وأشياء أخرى في السياق نفسه.. كانت المفاجأة كبيرة لي عندما وصلت سيارة الإسعاف مع طاقم مدرب من المسعفين خلال خمس دقائق، وباشر هؤلاء عملهم بحسب الحالة التي أمامهم بينما كانت سيارتهم منطلقة إلى وجهتها! طلبت منهم أن يتجهوا إلى أكبر مستشفى حكومي، وقلت لهم: لعله يكون قريباً لأن للدقيقة ثمنها.. لكنني فوجئت مرة أخرى نظراً لثقافتي الإسعافية القديمة أنهم يقولون لي: اطمئن، فسنذهب إلى المستشفى المتخصص وقد اتصلنا به أثناء اتجاه السيارة عندكم، وشرحنا لهم الحالة بناء على المعلومات التي أخذناها منكم خلال اتصالنا بكم، وهم جاهزون وفي انتظارنا! وصلنا، وكان الأمر كما قالوا، ولقيت ابنتي عناية طيبة فلهم الشكر. حرصت على التعرف على الرجل الأول في «مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف» لعلي أتلقى ثقافة إسعافية مغايرة عما كنت أعرفه، حيث تحتاج سيارة الإسعاف إلى فترة طويلة لكي تصل إلى المحتاجين، وربما يموت بعضهم قبل أن تصل تلك السيارة، فإذا وصلت وحملت المريض ثم وصلت إلى المستشفى فهناك حكاية أخرى طويلة قبل أن يحصل المريض على العلاج اللازم!. تعرفت على الرجل في مناسبة عامة واسمه «خليفة بن حسن الداري» وسألته عن كيفية عمل جهاز الإسعاف في دبي وسر نجاحه اللافت للنظر؟! قال: وجدنا أن وجود عدة أجهزة للإسعاف يجعل عملها متضارباً، وقد يعطل بعضها الآخر، فقمنا بتوحيد جميع الأجهزة في جهاز واحد أطلقنا عليه «مؤسسة دبي لخدمات الاسعاف» ثم قمنا بتدريب العاملين بصورة جيدة ليمارسوا عملهم بكفاءة حتى يوصلوا المريض إلى المستشفى بصورة حسنة قدر الإمكان فإذا اتصل مريض يطلب الإسعاف تتوجه له السيارة مباشرة، ثم يتصل مختص بالمريض أو أهله لمعرفة طبيعة المرض، فإذا عرفه اتصل بالمسعفين وشرح لهم طبيعة المرض، فيقوم المسعف بتحديد المستشفى المختص ويتصل بالطبيب ويشرح له الحالة لكي يستعد لها بحسبها، إذا وصل المريض يكون كل شيء تم ويبدأ الطبيب فوراً بفحص المريض والتعامل مع مرضه بحسب الحاجة.. التنظيم الذي قامت به هذه المؤسسة سهل جداً لكن في غاية الأهمية فالكل يعرف أن لكل دقيقة ثمنها الباهظ، كما أنه جيد من الناحية الاقتصادية؛ فبدلا من وجود مراكز إسعاف متعددة فيكفي أن يكون هناك جهاز واحد مؤهل مادياً ومعنوياً يعطي المحتاجين حقهم الكامل.. الذي أتمناه أن نعيد النظر في كيفية عمل هذا الجهاز الشديد الأهمية والمتعلق بحياة الناس فنجعل له نظاماً شديد الدقة لكي يقوم بعمله بصورة تتلاءم مع الأرواح البشرية التي يتعامل معها.. * أكاديمي وكاتب للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة