احتضن ثرى مقابر المعلاة فجر يوم الجمعة الماضي جثمان المطوف صالح سعيد محمد حسين، الذي كان يعد أقدم مطوف في تاريخ الطوافة الحديث، حيث أمضى أكثر من أربعة عقود في خدمة الحجاج. وجاءت وفاة المطوف صالح رئيس مكتب الخدمة الميدانية 43 لمؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا إثر تعرضه لحادث أليم إثر امتطائه دراجة نارية كان يستقلها ذاهبا لاستقبال فوج حجاج قادمين إلى العاصمة المقدسة. يذكر أن المطوف صالح حسين حصل أخيرا على تكريم من وزير الحج نظير خدماته الجليلة لضيوف الرحمن، ذلك غير ما عرف عنه من سلسلة من الأعمال الخيرية والإنسانية التي كانت دائما ما تستهدف ضيوف الرحمن، حيث أنشأ مقرا لإرشاد الحجاج التائهين، وتولى نقل زوار وقاصدي بيت الله الحرام بعربات القولف خلال شهر رمضان الماضي على نفقته الخاصة. وبدأ الفقيد حياته في العمل في مهنة الطوافة إلى جوار والده يساعده في خدمة الحجاج، بعد ذلك عمل في الخطوط الجوية السعودية قرابة 30 عاما، جامعا بين الوظيفة والمهنة، ويعد أحد رؤساء مجموعات الخدمة الميدانية في مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا ويتولى مكتبه الميداني خدمة خمسة آلاف حاج ذرفوا الدموع على فراقه. وقال المطوف عدنان بن محمد أمين كاتب، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا، أن الراحل يعد واحدا من أبرز مطوفي جنوب آسيا تفانيا وتحملا للمسؤولية، بل إنه مخلص للمهنة ويقدم لها كل ما يستطيع، وأضاف «فقدنا الرجل الطيب الذي نذر نفسه لله ولخدمة الحجاج بأعمال الخير التي قدمها، ففي الجمعة الماضية أحضر ثلاجة للموتى وأوقفها لله في مشعر عرفات»، معتبرا أن فقده خسارة كبيرة فهو من المكاتب الميدانية المتميزة التي خطفت الأنظار وأحد المكاتب المتميزة التي شاركت في ملتقى التجارب الذي تنظمه المؤسسة، وأنشأ خيمة بكوادر طبية متخصصة في مشعر عرفات لتقديم الإسعافات الأولية للحالات المرضية». ويعد الراحل واحدا من الذين نهجوا نهجا مغايرا من خلال زرع المهنة في نفوس أبنائه وتحفيزهم بطرق مبتكرة لقيت تثمين مختلف المطوفين. كما حرص الفقيد على تكوين علاقات متميزة بين كافة المطوفين وساهم مساهمة فاعلة في تحقيق التآلف بينهم، وله من الأبناء جميل وسعيد وسحر. ويروي وليد سعيد الشقيق الأصغر للفقيد اللحظات الأخيرة في حياته بنبرة حزن وأسى فيقول والعبرة تخنقه، «تعرض لحادث من قبل مراهق لم يبلغ بعد السن القانونية التي تؤهله للقيادة، حينما كان الراحل يمتطي دراجة نارية أثناء قيامه بواجبه في خدمة الحجاج، وتم نقله للمستشفى وأجريت له عملية قبل أن يفارق الحياة متأثرا بنزيف في الدماغ»، وأضاف أن «الراحل اعتاد تحمل كل الأعباء بحيث يضمن تقديم خدمات متميزة، وفي كل عام يدفع بأبنائه إلى العمل الميداني لكي يكتسبوا المهنة ويتمرسوا على الخدمة لكنه في هذا العام أسند إليهم مهام أكبر وصلاحيات أوسع كأنما أحس برحيله».