كان الرجل المكي إذا قابل جاره أو زميله في العمل أو الصنعة أو صديقه قبل الطلوع إلى عرفات سأله السؤال التقليدي حاج وإلا داج؟. وغالبا ما يكون الجواب: حاج بإذن الله!، ذلك أن الرجال المكيين جميعا لم يكونوا يتخلفون سنويا عن أداء مناسك الحج لسهولة أدائها وقلة أعداد الحجاج في تلك الأيام، ولأنهم يرون أنه من العيب أن يتخلفوا عن ركب الحاج وهم يتمتعون بالصحة والخير. ومن استطاع منهم اصطحاب أسرته لوجود بنات أو أبناء بلغوا الحلم ووجب عليهم الحج، أخذهم معه وأوصاهم بإتقان أداء نسكهم لأنها بالنسبة لهم «حجة الفريضة» وبالنسبة له نافلة، وإن لم يستطع ذهب فردا مع مجموعة من أصحابه أو زملائه لأداء المناسك فلا يبقى في مكةالمكرمة إلا النساء والأطفال والعاجزون بدنيا من الرجال ممن وصلوا إلى سن الشيخوخة والخرف ونحوهما، حتى روي أن بعض نساء الحارات كن يحرسن الحارة بدلا عن الرجال الذين ذهبوا إلى المشاعر فإن رأين شابا أو رجلا متخلفا سألنه سؤالا استنكاريا وقلن له: يا قيس يا قيس الناس حجوا وأنت جالس تيس؟!، فيشعر بالخجل المر ويتوارى عن الأنظار! وكان معظم المكيين لا يذهبون إلى منى يوم التروية اليوم الثامن من ذي الحجة لأنه سنة وإنما يكون صعودهم رأسا إلى عرفات في صباح أو ظهر اليوم التاسع، فيركبون أي حافلة تمر بهم وتقول لهم: عرفة.. عرفة بريالين. أو يكون لدى أحدهم جمس أو سيارة صغيرة فيركبون معه إلى عرفات الله ويركنونها جانبا ويقضون يومهم في ظلالها أو في أحد المقاهي الموجودة على ضفاف المشعر فإذا صلوا الظهر أكلوا لحما مشويا، ناسجين أساطير حول «لحمة عرفة»! ولم يكن حج الفرد من أوله إلى آخره يكلف أكثر من خمسين ريالا فلما جاءت مؤسسات حجاج الداخل كانت التكلفة في أول الأمر لا تتجاوز ألف ريال على الفرد ومكسبها مائة في المائة، فلما ربط الحج بالتصريح غالت في أسعارها غير المراقبة وأصبح مكسبها ألفا في المائة، وجهات الاختصاص تتفرج وتبرر وكأنها لا ترى ولا تسمع فلا تتكلم وأصبح من لديه أسرة مكية مكونة من خمسة أشخاص يحتاج لنحو خمسين ألفا، وإلا أصبح غير مستطيع يا عبد البديع!!. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة