قال عدد من الشباب المبادر لإقامة مشاريع صغيرة: إن غالبية المشاريع الصغيرة تواجه تحديات كبيرة أبرزها التمويل، رغم وجود أكثر من 15 جهة تقدم قروضا لمختلف المشاريع، من أبرزها بنك التسليف وصندوق التنمية الصناعية وصندوق المئوية، محذرين أيضا من عدم توفير الدولة الحماية اللازمة لضمان استمرار هذه المشاريع في السوق. واعتبروا التمويل الذاتي عبر القروض الأسرية وإدخال شركاء بمثابة فرصة جيدة لإطلاق المشاريع بعيدا عن الركض وراء الجهات الحكومية لشهور وسنوات. وقال عبد الله القرني، إنه تقدم بقرض إلى أحد البنوك ضمن برنامج كفالة الذي تدعمه بنسبة 50 80 في المائة وزارة المالية لضمان الحد من مخاطر التمويل، وعلى الرغم من الضمانات المختلفة التي قدمتها إلا أن البنك اعتذر عن تمويل المشروع بعد عدة أشهر من المراجعات. وأشار إلى أن البنوك تبالغ في طلباتها فوق المبلغ الذي ستقدمه للمشروع، وهو ما يصيب الشباب بالإحباط، داعيا إلى ضرورة أن يتولى صندوق التنمية الصناعي كافة الإجراءات بالتنسيق مع البنوك، وأن يتم التقديم من خلاله وليس البنك مباشرة. قروض محدودة من جهته، طالب أحمد عبدالله الجهات الرسمية بإعادة النظر في برنامج كفالة والشروط الخاصة به، مشيرا إلى أن الغالبية استبشرت به لدعم المشاريع الصناعية المختلفة، إلا أن حجم التمويل المقدم منه على مدار عام كامل لا يزيد على مئات القروض. وقال إن الاشكالية تكمن في طبيعة عمل البنوك التي تفضل تمويل الأفراد بضمان رواتبهم والمنشآت الكبيرة استنادا إلى ملاءمتها المالية من واقع البيانات والنتائج السنوية، أما المشاريع الصغيرة فأغلبية البنوك تحجم عن تمويلها لعدم التأكد من نجاحها. وطالب مختلف الجهات الحكومية المقرضة بتجاوز شرط الكفيل في ظل إحجام الغالبية عن هذا الأمر والاكتفاء بتعيين مشرف مقيم للمشروع لضمان سير الأداء على أفضل وجه. وأشار إلى أن المشاريع الصغيرة في المملكة تقوم على المغامرة، في ظل عدم تقديم الدولة أي مميزات تنافسية لها خاصة في التسويق والبيع بما يضمن لها البقاء بجانب المشاريع الكبرى التي تمتلك مرونة وإمكانات أكبر للانتشار في السوق. وحذر أيضا من ضعف دراسات الجدوى المقدمة إلى الكثير من المشاريع، وقال إنها لاتستند إلى دراسات تسويقية معمقة تراعي طبيعة المنافسة في السوق. وشاركنا الرأي الشاب أحمد العلي، مشيرا إلى أنه في ظل ما سمعه عن إشكاليات عديدة في تمويل المشاريع الصغيرة، لجأ إلى البحث عن تمويل ذاتي لمشروعه بإدخال شركاء معه واقتراض مبلغ مالي من والده الذي يشجعه على أن يكون له مشروعه الخاص. ورأى أهمية زيادة فترة السماح لسداد قروض المشاريع الصغيرة إلى أكثر من عام في ظل المدة الطويلة التي تستغرقها مرحلة التأسيس، وطرح إنتاج المشروع في السوق. من جهته، دعا سعد العلي إلى ضرورة إجراء مراجعة وتقييم شامل لأداء الصناديق التمويلية المختلفة طيلة السنوات الماضية؛ لمعرفة ما إذا كان أداؤها ينسجم مع مقدار الدعم الذي تتلقاه بالمليارات. وقال إن قراءة سريعة لما يعلن من أرقام يرى أن جميع هذه المؤسسات لم توفر الدعم سوى إلى آلاف محدودة من المستحقين من بين قرابة مليون عاطل عن العمل. وأشار إلى أهمية تأسيس مركز لدعم المنشآت الصغيرة في وزارة التجارة، يكون بمثابة مرجعية تتمتع بصلاحيات كاملة لوضع الحلول المناسبة لمشاكل القطاع. وشدد على أهمية إعداد خريطة للاشكاليات الأربعة التي تواجه القطاع الخاص وأبرزها عدم وجود معلومات دقيقة عن حجم السوق والمجالات الواجب الاستثمار بها، وكذلك مشاكل التمويل والتراخيص والتسويق. من جهته، دعا الاقتصادي «فهد السالم إلى ضرورة تشجيع الشباب على ثقافة العمل الحر في مشاريع صغيرة منذ سنوات عمرهم المبكرة، كما فعل كبار الاقتصاديين حاليا، وأن تكون الرغبة في النجاح هي الأساس في الحصول على التمويل. ورأى أن وجود اعتدال في الضوابط الموضوعة لضمان الالتزام بالسداد من حق المؤسسات الممولة لضمان استمرار رأس المال لتمويل آخرين. وشدد على أهمية إثراء معارف الشباب بقيم واخلاقيات العمل التي تركز على جودة الإنتاج والعمل بإخلاص وتفان من أجل النجاح، لأنه بدون ذلك لن يستطيع المال أو المبنى وحده ضمان نجاح المشروع، ولهذا الغرض تركز الدولة في خططها التنموية دائما على الاستثمار في رأس المال البشري كخيار استراتيجي لا بديل عنه.