تستيقظ صباح كل يوم ملء قلبك بشر وتفاؤل أن يمن الله على عباده بيوم أفضل وحال أطيب، تحتسي قهوتك راضيا مطمئنا وعينك على صحف الصباح تقلب أوراقها بين يديك، لكن صحفك الصباحية تأبى عليك أن تنعم بهذا المزاج الراضي، كأنما هي أخذت عهدا على نفسها أن لا يمر بك يوم لا تطالعك فيه بما يقبض الصدر ويكدر المزاج، وها أنت كلما قلبت ورقة طالعتك أختها بما يسوء من الأنباء. هذه فتاة معوقة وضعت في دار للرعاية لتحصل على حقها الإنساني في ما تحتاج إليه من اعتناء وإشراف وحب وحنان، لكنها بدلا من ذلك، تركت وحيدة بلا معين فاحترقت بنار الغفلة والإهمال! وهؤلاء مجموعة من العمال لا حماية لهم ولا تأمين عليهم من الخطر، يموت بعضهم ويصاب بعضهم إثر انهيار مبنى ما زال تحت الإنشاء في جامعة من جامعات وطنك. وهذه مطلقة تجر أطفالها بيمينها وتحمل قضيتها بشمالها وتركض بهم ما بين المحكمة والضمان الاجتماعي ومطاردة الزوج الهارب من دفع التزاماته المالية تجاه أولاده منها. وهذه قرية تغرق بأكملها في مستنقع الزيف والفساد وموت الضمير وغياب الخوف من الله، فتغتسل ليلة العيد بدموعها تتطهر من آثار سيل انتهبها وتركها عارية مما كان يستر جسدها من نبض الحياة والبشر ليحتمي بالقضاء والقدر! تهرب مما ترى فتقلب الصفحة لعلك تقع على ما يعيد بعضا من الرضا الغائب والاطمئنان الضائع، فإذا بك أمام نقاشات تصم أذنيك بصراخ حول هل يجوز أو لا يجوز لمن هو على غير طهارة، أن يلمس التلفزيون أو الجوال أو غيره من الأجهزة الإلكترونية عندما تظهر على شاشاتها آيات من القرآن الكريم! وهل يجوز أو لا يجوز أن يكنى عن مرض السرطان بصفة الخبيث! وهل يجوز أو لا يجوز للمرأة أن تستأجر حارسا خاصا يرافقها لحمايتها! أمام نقاشات كهذه يصيب ذهنك الشلل، فلا تدري أتبكي معها أو تضحك! هل أهلها جادون يمارسون أقصى ما تقدر عقولهم على التفكير حوله، أم هم مازحون يبحثون عن ما يثير الدعابة ويخفف من حدة التوتر في هذا الزمن من النكد! تمضي تقلب الصفحات، فتظهر أمامك صور مختلفة، صور للعهر السياسي حين يمارس بلا حياء ولا خوف، تحدق في الصور، تتأمل الجثث المتناثرة والرؤوس تتأكد إن كان ما تراه من نتاج القرن الحادي والعشرين أم هو من مدفون التاريخ وبقايا غزوات المغول أو حرائق نيرون! هل من الحق أن نلوم صحف الصباح على ما تحيينا به كل يوم من بئيس الأخبار وتعيس الأحوال؟ أليست الصحف مرايا تعكس ما تراه أمامها وما يمر بها، فبأي حق نلومها! فاكس: 4555382-01 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة