تعرض على قارعات الطرق والشوارع والحارات، تحت أشعة الشمس الحارقة مباشرة.. يزداد الإقبال عليها رغم جهلهم الأكيد بمحتوياتها إلى درجة اليقين، ومع هذا يقبلون على شرائها بغض النظر عن الشكوك المقرونة بالبراهين.. ومع هذا يتسابق المواطنون والمقيمون على شرائها في كل سانحة ومتى ما دعت الحاجة، ففي الوقت الذي يتهم فيه المستهلكون الباعة بالغش وخلط العبوات المعروضة بالمياه العادية، يرجع الباعة سبب تغير طعمها إلى أشعة الشمس وسوء التخزين، إنها عبوات مياه زمزم المباركة، وللوقوف على حيثيات التهم المتبادلة ومعرفة الحقيقة قامت «عكاظ» بجولة على عدد من الباعة الجائلين واستطلعت آراء عدد من المستهلكين، وهذه بعض الآراء والانطباعات: في البداية، عبر سالم الغامدي عن معاناته عند شرائه مياه زمزم نظرا للغموض الذي يكتنف العملية برمتها بالقول: «يتغير طعم مياه زمزم في كل مرة ابتاع المياه من الباعة الجائلين، إذا لم استهلك العبوة في غضون يومين أو ثلاثة، لذلك أحرص على شراء كمية محدودة حتى لا يذهب طعمها»، وأضاف قائلا: أجهل السبب وراء هذا الأمر، خصوصا أن ماء زمزم لا يتغير طعمه، وأتمنى أن تضاعف الجهات المعنية الرقابة على الباعة المتجولين بشكل دائم. وعكس الغامدي، لم يواجه مشاري محمد المشكلات نفسها نظرا لعدم شرائه مياه زمزم من الباعة الجائلين، وقال: أحرص على تعبئة حاجتي من مياه زمزم بنفسي من مكةالمكرمة، وأحيانا أؤمن حاجتي منها من الجهات المصرح لها ببيع هذه السلعة المباركة. وأضاف: تعرضت لتجربة من أحد البائعين الجائلين ابتعت منه جالونا من مياه زمزم وبعد مرور يومين تأكد لي أن ما اشتريت من مياه ما هو سوى مياه عادية في تلاعب وغش واضح وعدم مخافة الله، بعدها توقفت عن الشراء من الباعة الجائلين بصفة نهائية. من جهته، اعتبر نواف سعود أغلبية الباعة الجائلين يمارسون الغش فيما يتعلق بمياه زمزم، وقال: «يبدو أن رقابة الجهات المختصة لا تؤثر على الباعة الجائلين، فجلهم لا يهتمون ولا يكترثون بتواجدها أو مراقبتها أصلا»، وأضاف قائلا: «أتمنى أن يكون هناك تشريع يحمي المواطنين من تلاعب الباعة الجائلين والغش الذي يمارسونه بشكل يومي على المستهلك الراغب في شراء مياه زمزم المباركة، وعلى الجهات المختصة تشديد الرقابة على الباعة المنتشرون في الشوارع وعلى الطرقات للحد من استهتارهم وألاعيبهم المستمرة». الشمس السبب!! وفي المقابل، يبرئ الباعة أنفسهم من التهم الموجهة لهم من قبل المستهلكين، واعتبروها باطلة وبعيدة عن الحقيقة، وقال صالح علي: «أقوم بتعبئة المياه بشكل يومي وأنقلها بسيارتي الخاصة، وهي مياه زمزم نقية ولا تحمل أية إضافات أو مياه عادية خوفا من الله»، معتبرا أن البائعين لا يمكنهم أن يكونوا بنفس الدرجة من البراءة والنقاء والأمانة، نافيا التهمة برمتها وطلب عدم إطلاق تهمة الغش على كافة البائعين وعدم توزيع التهم مجازا. فيما أشار مبروك عواد إلى أنه يبدأ يومه بالذهاب لمكةالمكرمة وتعبئة عبوات المياه من بئر غزة، والعودة مرة أخرى إلى مكان بسطته في جدة، وأضاف: «الكثير من المشترين يعانون من الغش في مياه زمزم المباعة في مكةالمكرمة غالبا، مشيرا على الوقوع في هذا الفخ مرات عدة عند شرائه المياه من باعة في مكةالمكرمة، ومنها شرائه 40 عبوة ماء زمزم مخلوطة بالمياه العادية»، وتابع: أعمل منذ ثلاثة أعوام في بيع مياه زمزم ولم يشكني أحد أو يدعي الغش، وخلص إلى القول: «لا يهدف جميع الباعة للغش عبر تقديم المياه المخلوطة وهناك من يلجأ إلى هذا الأسلوب وهم قلة ولا يمثلون إلا أنفسهم». واعتبر زميله عبد الرحمن الخلف، أن ما يشكو منه المستهلكون ربما لا يكون له علاقة بالغش، بل السبب ربما يعود لأشعة الشمس التي تؤثر على المياه ومكوناته، فيما اعترف سلمان مساعد أنه وقع في فخ المياه المخلوطة أكثر من مرة عند شرائها من مكةالمكرمة، وقال: لا يقوم بالغش كافة الباعة الجائلين، خصوصا أن الإنسان لا يرضى أن يقدم لأبنائه لقمة حرام - على حد قوله. وأكد طارق الجهني أنه يعبئ مياه زمزم من بئري كدي وغزة يوميا ومن ثم يقوم ببيعها، مشيرا إلى الإقبال المتزايد في شهر رمضان بشكل ملحوظ، وقال: تتأثر المياه من أشعة الشمس المباشرة، ويمكن أن تحافظ على مكوناتها الطبيعية لمدة عام في حال حفظها في مكان مناسب، فيما أشار صديقه أبو ريان إلى أن البعض يغش لأجل خمسة ريالات، إلا أنه وصديقه طارق يعملان في هذا المجال منذ سنوات ولم يتذمر أحد فيما يقدمان. غير نظامية إلى ذلك، أكد مدير إدارة الرقابة التجارية في أمانة جدة سليمان صالح المحيميد إتلاف الأمانة المياه المعبأة والمعروضة للبيع في الشوارع والميادين العامة لعدم نظامية بيعها، وقال: «هناك توجيهات من إمارة منطقة مكةالمكرمة ومحافظة جدة بخصوص بيع مياه زمزم المعبأة، وتكثيف الجولات الميدانية للقضاء على هذه الظاهرة وعدم السماح بصفة قاطعة بعرض هذه المياه بالقرب من محطات الوقود المنتشرة على الطرق بمخارج مكةالمكرمة، جدة، الطائف والمدينة المنورة، وفي حالة تكرار المخالفة تحجز وسائل النقل لمدة شهر». ونفى المحيميد علمه إذا ما كانت المياه المعروض مياه زمزم أو مغشوشة، وقال: «وبما أن عرضها للبيع غير مسموح به، فإنه لا يتم سحب عينات للتأكد من كونها مغشوشة من عدمه، وسواء أكانت مياه زمزم أو مياها مغشوشة فإن أسلوب عرضها بهذه الصورة تحت أشعة الشمس وتعرضها لعوامل التلوث البيئي، وكذلك تعبئتها في عبوات غير معقمة يؤثر سلبا على صحة المستهلكين، كما أن السماح ببيعها يعد مشجعا لضعاف النفوس ومن أبواب الغش التجاري». وخلص على القول: «فقط العبوات المنتجة بصورة نظامية والمعروضة في مراكز التوزيع والبيع المعتمدة في نطاق محافظة جدة هي التي تخضع للفحص المخبري الدوري».