كر.. وفر.. هذا هو حال باعة ماء زمزم جدة، وهم يترقبون بأعين يقظة حملات الأمانة ضد مواقعهم، خاصة على الطرقات السريعة، خوفا من الخسائر التي قد يتكبدونها من مصادرة جراكن المياه وحجز مركباتهم. وفيما يصف الباعة تلك الحملات بغير المبررة و «تحاربهم في أكل عيشهم»، على حد تعبيرهم، يؤكد مسؤولو الأمانة أنهم يطبقون تعميما وزاريا بعدم السماح بعرض الجوالين المعبأة بالمياه التي يدعي أصحابها أنها مياه زمزم، للبيع في أي موقع، خشية أن تكون معبأة بأي مياه أخرى. عدد من باعة ماء زمزم، ومعظمهم من الشباب، أكدوا ل «شمس» أن حملات الأمانة ليست جديدة، لكنها لم تكن بشكل متواصل، وكانت تنشط أحيانا وتخف أحيانا أخرى، مشيرين إلى أنها تكون أكثر حدة في الساحات المحيطة بموقع تعبئة المياه، كما كانت هناك حملات مكثفة داخل مدينة جدة خلال اليومين الماضيين على المواقع التي تشتهر ببيع المياه على الطرق السريعة، وقرب نقاط التوصيل ومحطات الوقود. ويقول أحد الشباب: إنه ترك العمل في هذا المجال بعد أن كان يتمركز بصفة مستمرة في أحد المواقع على شارع الأربعين، لكنه يستغل أحيانا هدوء الأحوال لتأمين بعض جراكن زمزم لمن يريدها عن طريق التوصيل المجاني إلى المنازل: «أسعار المياه ترتفع بشكل كبير كلما بعدت نقطة التسليم عن الحرم المكي، وكلما كانت الرقابة مكثفة على مواقع البيع». بائع كبير في السن، فضل عدم نشر اسمه، أكد عدم صحة ما يقال عن أن المياه التي يبيعونها مغشوشة بإضافة مياه أخرى إليها: «لا يمكن أن أغش فيه لأنه ماء مبارك، كما أنني لا يمكن أن أطعم أبنائي من مال أتى بالغش». أما علي، وهو شاب من مكة، فحاول التملص من أسئلة «شمس» حول متاجرته بمياه زمزم، حيث قال: إن تلك الجراكن المعروضة على الطريق تخص شابا آخر، وهو أمين عليها. أما هو فيتاجر في العسل فقط. وفي أحد المواقع على طريق جدةمكة، تشاهد الكثير من جراكن المياه تقف وحيدة.. أما أصحابها ففضلوا الابتعاد ومراقبة الوضع وحركة المارة، فإن تأكدوا أن من يقف أمام الجراكن زبون حقيقي يسرعون إليه، أما إن شكوا في أنه أحد مراقبي الأمانة، فيتركونه خشية أن تطالهم الجزاءات وتحتجز سياراتهم ويوقعون على تعهدات بعدم البيع مرة أخرى، وهو ما سيضاعف من العقوبات اللاحقة في حال ضبطوا مرة أخرى. أما سالم العلياني فهو زبون دائم لباعة زمزم: «أشتري ماء زمزم من موقع مخصص في محطة وقود على طريق جدةمكة، ولم أجد فيها أي غش. وأحيانا أشتري من الباعة كبار السن الذين أفترض فيها الأمانة أكثر من الشباب، وأحيانا أذهب مباشرة إلى شيب زمزم لكنني لا أستطيع أن آخذ إلا عبوة واحدة فقط، خشية أن يظن بعضهم أني أريد المتاجرة بها».