ما هو أخير الحلال؟! مسألة قد يجتهد فيها الكثيرون.. وتختلف حولها الآراء ولا تتفق.. وفي العادة.. الوعاظ.. والناصحون والدعاة الجدد.. يحدثوننا عن الحرام وعقابه وموبقاته وأخطاره ووجوب البعد عنه وحذر المعاصي وتجنب المكاره وما سوف يلقاه العبد إذا عصى أو أذنب. لكن من النادر أن يتسع الحديث عن الحلال.. ما هو أخيره وأفضله وأحسنه وكيف السبيل إليه! من النادر الاهتمام بالمباح وما أكثره.. وما أكثر طيبات الحياة للإنسان المسلم الذي لم يخلقه الله ليشقيه! ولا ليحرمه ولا ليعذبه.. فالله جل وعلا أكرم من أعطى وأجود من سخى وأنعم. عندنا.. التركيز دائما ينصب على المساوئ، على الأخطاء حتى في الكتابات المنشورة والآراء المقروءة النقد يسبق الإقرار بالفضل.. ويتقدم على الشكر بل ويفوز بحصة الأسد من العيون القارئة والأكف المصفقة! ولا بأس فالناس تبحث عمن يؤاخيها ويساندها في الشدائد أكثر مما تبحث عن الواقفين إلى جوارها في الأفراح والليالي الملاح.. ففي الشدة يختبر الأصدقاء وفي الفرح كل الناس أصدقاء! وأعود إلى السؤال الموجه للقارئ العزيز، ما هو أطيب الحلال عندك؟! وما هو أخير الحلال تراه أولا؟! وهذا السؤال لا يرتبط بهذه الأيام المباركة لأن كل العام ربنا واحد وديننا واحد والغني والفقير عند الله واحد! وإن كان بعض الناس تراهم في رمضان يترددون على المساجد ويحرصون على الصلاة جماعة ويفعلون الخيرات.. ويتسابقون للطاعات، وبعد رمضان الله بالحال عليم! قم يا فلان الصلاة طيب بعد شوي! وهكذا! غير أن الوعاظ يسامرون الناس عبر الشاشات بمثاليات جميلة غير واقعهم، وإذا أرادوا الحديث عن تربية النشء عمدوا إلى التخويف قبل الترغيب! التخويف من النار وما أعده الله في جهنم للكافرين! ماذا عن الدنيا وسبحانه أرشد عبده إلى دعاء «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة»! فلم ينس نصيب المسلم من الدنيا، كأنه يعيش فيها أبدا! ليس المطلوب إضاءة قناديل الأمل وفتح نوافذ الإشراق، إنما المطلوب أن يكون للحلال وللمباح ولحسنات الدنيا نصيب في الحديث الوعظي المتلفز.. فلم يخلق الله الإنسان عبثا.. والدعوة إلى الخوف لا تخدم جوهر الإيمان! فالناس اليوم تحتاج إلى تعمير أرواحها المعنوية، تجديد أخلاقها الإنسانية، ترويض شراهتها للأحزان إلى درجة حتى الضحكة إذا فلتت يقولون بعدها عسى خير! لم يمر عام كهذا على المسلمين العرب الذين وجدوا أنفسهم في الشوارع يقتلون ويعتدى عليهم، فصارت ديار الاغتراب ومواطن الغربة آمن على أنفسهم من أوطانهم، والأمن لا يتوطد بالخوف والتخويف والترهيب.. بل الأمن الأقوى يوطده الحب والكلمة الطيبة، فلنتبار في أطيب الحلال وقد غصت حلوقنا بما نراه هذه الأيام العربية من أنواع الحرام! للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة