لا نستطيع تجاهل التأثير المباشر وغير المباشر لأزمة الدين الأمريكي على مجمل الاقتصاد العالمي، اقتصادات الدول الغنية أو الفقيرة على حد سواء، وذلك نظرا لحجم الاقتصاد الأمريكي الذي لايزال يمثل المرتبة الأولى في العالم ولايزال يمثل أكثر من الضعف من حجم الاقتصاد الصيني الذي يحتل المرتبة الثانية رغم أنه يتوقع أن يتخطى الاقتصاد الأمريكي إذا حافظ على وتيرة نموه العالية حيث تقترب من رقمين أي في حدود 10%، مقارنة بحالة الركود والانكماش الاقتصادي التي تعاني منها المراكز الرأسمالية العالمية، الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي واليابان. تأثير أزمة الدين الأمريكي على الاقتصاد العالمي تنبع من كون الدولار لايزال يحافظ على موقعه كعملة دولية ووحدة قياس للعملات والسلع الاستراتيجية الأخرى كالذهب والبترول، كما أن الكثير من الدول ربطت قيمة عملتها بالدولار ناهيك عن استثماراتها الخاصة والعامة بما في ذلك سندات الخزانة والأصول والمصارف الأمريكية، ومن بينها وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي والسعودية على وجه الخصوص. نستعيد هنا تحذير رئيس البنك الدولي روبرت زوليك من أن الأسواق دخلت «منطقة جديدة من الخطر»، وقال: إن المستثمرين فقدوا ثقتهم في القيادة الاقتصادية لعديد من الدول الكبرى. وقال زوليك في حفل عشاء أقامته الجمعية الآسيوية في سيدني باستراليا: إن الاقتصاد العالمي يخوض غمار عملية انتعاش «متعددة السرعات». وحول الأزمة الحالية في الاقتصاد الأمريكي ومنطقة اليورو في أوروبا قال زوليك: إن ماحدث خلال الأسبوعين الماضيين هو أن مجموعة من العوامل والأحداث وقعت في وقت متزامن في كل من الولاياتالمتحدة وأوروبا وأدت إلى ضياع ثقة المستثمرين في القيادة الاقتصادية لعدد من الدول الكبرى. وقال: «أعتقد أن تجمع تلك العوامل مع هشاشة مسيرة الانتعاش الاقتصادي قد دفعتنا إلى منطقة جديدة من الخطر، ومضيفا: وأنا أعنى تلك الكلمات تماما وأريد من صناع السياسات الاقتصادية أن يأخذوها على محمل الجد». أما منطقة اليورو فقد واجهت مشكلات أشد خطورة حيث اضطرت دول كثيرة للخروج من منطقة المعاناة إلى منطقة المأساة. يتسم الطور الراهن للأزمة التي تعصف بالنظام الرأسمالي العالمي بانتقال مركزها من أسواق المال كما بدأت تتفاقم قبل ثلاث سنوات لتطال ميزانيات الدول الرأسمالية الكبرى التي باتت تعاني من ارتفاع حاد في عجز موازناتها العامة والمديونية العامة والحسابات الجارية. وكالعادة فإن إخفاقات وجشع أساطين المال والشركات الرأسمالية الكبرى التي اختطت نهج الليبرالية الجديدة في أقسى وأشرس تطبيقاتها الاقتصادية تتحمل تكلفتها شعوبها في الداخل وخصوصا العمال والمستخدمين والطبقة الوسطى التي تكاد تتلاشى من الخارطة الاجتماعية. كذلك تتحمل تداعياتها وبشكل أقسى دول واقتصادات الأطراف بحكم هامشيتها وأحاديتها وتبعيتها للخارج، وهو ما ينعكس بشكل مباشر في انخفاض عملتها وتراجع سلعها وصادراتها وتآكل مواردها وأرصدتها المالية بحكم التضخم وانخفاض قيمة العملات الرئيسية في العالم وفي مقدمتها الدولار. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة