صديقي .. بصفتي ساعي بريد قديم في «البريد السعودي» سأروي لك حكايته. قبل عقود كان لدى البريد أزمة ضمير إذ كان بعض موظفيه يتدفأون على رسائل البريد، أو يرمي ساعي البريد الرسائل في أقرب «برميل للقاذورات» ثم يمضي لأعماله الشخصية قبل أن يذهب للمسجد يصلي الظهر ويدعو الله أن يرزقه بصفته إنسان طيب وخير ولا يفعل الشرور. كان من يقوم بهذه الأفعال قلة، مع الوقت وعدم الرقابة وغياب العقاب أصبح القلة كثرة «من باب الموت مع الجماعة رحمة»، وسيئ الحظ هو من تقع رسائله مع هؤلاء الكثرة لأن رسالته إما ستحرق أو إلى سيارة البلدية. ومضى البريد يؤسس سمعة سيئة، وأصبح لا يتعامل معه إلا من ليس لديه خيار آخر. اليوم تغير البريد وأصبح أكثر دقة ورقابة على موظفيه، فسيارة «ساعي البريد» التي يوصل بها البريد مبرمجة شاشتها على كل المناطق التي عليه أن يمر عليها ويضع البريد، وإن لم يفعل هذا سيعاقب، فأصبح ساعو البريد لا يتدفأون بالرسائل ولا هي سيارة البلدية تستقبل الرسائل. هذه النقلة «التقنية» جعلت صندوق البريد ليس مهمته استقبال الرسائل فقط، بل ومن خلاله يمكن «للإسعاف والإطفاء والشرطة» أن تنجدك وتحدد مكان بيتك بسهولة ويسر وبلا تعقيدات ولا خوف من تغيير أسماء الطرقات والشوارع. جرب مرة واحدة ضع رقم صندوقك ورمزك البريدي في «Google» وستظهر الأقمار بيتك مباشرة على شاشة الكمبيوتر. المحزن أن الإرث القديم، وأعني «سوء السمعة» مازال عالقا بذهن المواطن ولم تتغير رؤيته للبريد ولا لساعي البريد الذي أصبح طيبا رغما عنه. المضحك أن شركات البريد الأخرى التي يدفع لها مبالغ أكبر تتعامل مع «البريد السعودي» ليوصل لها الرسائل والطرود وكل شيء بتكلفة أقل. المضحك أكثر أن المواطن يحتج ويقول لنا: «الشركة الفلانية تتصل علي وتقول لي تعال استلم الطرد مو مثلكم»، مع أنه لو دفع قيمة «البريد الممتاز» التي هي أقل تكلفة من الشركات، لن نتصل عليه وسنرسلها لبيته. ترى ما الذي علينا فعله لتغيير تلك الصورة النمطية العالقة في ذهنية المواطن، التي كانت مبررة في ذاك الوقت؟ التوقيع: صديقك ساعي البريد. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة