كان برنامج جرب الكرسي لجمعية الأطفال المعاقين من أفضل الأفكار لتعظيم تفاعل الناس مع الفئة التي ترعاها، وفي إحدى دورات «طاش» جرب رب الأسرة في إحدى الحلقات العمل مكان سائق أسرته، والحديث عن السائقين يقود للحديث عن العاملات المنزليات، وسوقهن الذي يعتبر اعرق من سوق السائقين لجهة الانتشار، ثم لجهة نشوء سوقه السوداء أو الموازية خصوصاً في المواسم. لماذا تهرب العاملة المنزلية، قائمة طويلة من الإجابات والأسباب، من أهمها كثرة العمل وقلة الدخل، ثم اكتشافها أنها عندما تعمل بطريقة مخالفة، تحصل على حقوق، لم يكن في الإمكان الحصول عليها وهي تعمل نظامية. فلنرجع للوراء قليلاً، كانت بعض العاملات تمضي عقداً أو عقدين من الزمن تعمل لدى عائلة واحدة، تذهب وتعود عدة مرات، لماذا؟ لأن الزمن كان أجمل والإنسان كان أطيب؟ ربما، أو لأن ربة البيت كانت تعتبرها مساعدة لها وليس نائبة عنها؟ قد يكون، أو لأن وسائل الاتصال لم تكن متاحة لها لتساعدها على التنقل؟ وهذا جائز أيضاً، نظريات كثر بعضها يحتمل الصحة. حسناً، فلتجرب ربة المنزل كرسي العاملة المنزلية، بل في هذه الحالة كراسيها، فهي ليست كالسائق له مهمة أو اثنتين معروفة، بل انها تعمل على كل الجبهات، وفي كل الأوقات، ثم تكتشف عبر رسالة أو هاتف أن زميلتها تعمل اقل منها بالساعة أو الشهر وتحصل على ثلاثة أضعاف دخلها. فلنتحدث بصراحة، لا يمكن أن يعمل إنسان منذ الصباح حتى الليل سبعة أيام في الأسبوع بمستوى الأجور الحالي، يمكنه تحمل ذلك مقابل دخل أفضل، أو يمكنه قبول الدخل المتدني مقابل شروط وساعات عمل معقولة، ولا يمكننا الاستمرار في القول إن دخلها الشهري يعتبر نعمة كبيرة قياساً بمستوى الدخل في بلادها، فهذا رغم صحته نسبياً إلا انه قياس غير صحيح دائماً، خاصة وان انتعاش الاقتصاد وتحسن فرصة العمل يدور بين الدول. اكتشفت العاملات المنزليات إدمان الأسرة السعودية عليها، ووضع السوق يكشف عن غياب بدائل موجودة عادة في معظم بلدان العالم مثل جليسات الأطفال المحترفات، ومثل مكاتب مرخصة لتقديم خدمات منزلية بالساعة أو الأسبوع، وأخيراً وجود الرقابة الفاعلة من جهات العمل حتى العمالة المنزلية تأخذ لها حقوقها وتفرض عليها أداء واجباتها. تحكي القصص التي وردتني بعد الحديث عن السائقين عن واقع مضحك للعاملات المنزليات اللاتي يعملن عبر وسطاء أو سماسرة، حيث يفرضن شروطهن، ولا يوجد سلطة عليهن، ومع المخاطر الأمنية لهذه الظاهرة، إلا أنها باتت من الظواهر المعروفة في المجتمع، وبعض السماسرة أصبح مشهوراً، ونظم أعماله، واكتسب سمعة، وبعضهم نجح عدة مرات في النصب على الناس بأخذ العمولة ثم تهريب العاملة بعد يوم أو يومين إلى منزل آخر. [email protected]