بدأت الجولة في قرية الوسقة (30 كلم جنوبي الليث)، لرصد انطباع الأهالي والمراجعين حول الخدمات الصحية المقدمة في القرية، تتراءى مظاهر سوء الوضع الصحي خلال السنوات الماضية، لضعف تجهيزات وإمكانات المستشفى اليتيم، وقلة المراكز الصحية فضلا عن عدم توفر أبسط مقومات العلاج الأولي فيها. في مركز صحي الوسقة، لم يكن الوضع يسر عند مشاهدة جدران المبنى المستأجر والمتصدع منذ أكثر من 13 عاما، حيث لم تفلح جهود الأهالي في التخلص من المبنى الحالي، رغم تبرعهم بأرض لإنشاء المستوصف الذي يخدم خمسة آلاف نسمة، ولكن وزارة الصحة كما يقولون لم تتجاوب معهم!. حسن النعيري (أحد المراجعين) الذي كان خارجا للتو من المستوصف، قال إن وزارة الصحة أبلغتهم قبل أيام بنيتها في إغلاق المستوصف خوفا من تصدعه وسقوطه على رؤوس المراجعين، حيث إنه مبنى قديم ومتهالك منذ 30 عاما، مبديا إنزعاجه من عدم تحرك الوزارة لتنشئ المركز الحكومي رغم جاهزية الأرض، ولم تتركه ليستفيد منه المراجعون والمرضى الذين لا يستطيعون الانتقال إلى أقرب مركز صحي يبعد عنهم نحو 30 كلم من أجل حبة مسكن، فضلا عن انزعاجه من نقل طبيب الأسنان أخيرا من المستوصف، وطبيبة النساء التي سافرت هي الأخرى ولم يتم تعويضهم بطبيبة أخرى، مشيرا إلى أن الوضع الصحي في المستوصف يزداد سوءا بسبب غياب مثل هذه التخصصات، ما يضطر معه المرضى للسفر إلى الليث بغض النظر عما يترتب على حوادث الطريق الساحلي من مخاطر، للكشف في عيادات الأسنان والبحث عن علاج. وكان التذمر الذي أبداه النعيري، السمة الغالبة على معظم مراجعي المركز، فلا أحد راض عن وضع المركز الذي يخدم قرى البراكيت، الحسانية، البدوان، الحراتيم وآل عساف، فضلا عن تدني مستوى الخدمات الصحية والرعاية في المركز. (أم أحمد) التي اعتادت على المجيء إلى المستوصف باستمرار، حين يخبرونها بأن طبيبة النساء لم تباشر بعد، تعود أدراجها سيرا على الأقدام إلى القرية، فهي ترفض الكشف عند الطبيب، وتفضل الصبر على آلامها، أو تناول مسكن من (السوبر ماركت). من جانبه، يؤكد علي البركاتي (أحد السكان) أن أهالي الوسقة قد حددوا قبل عشرة أعوام قطعة أرض بمساحة مناسبة لإقامة مركز صحي حكومي عليها، ولكن تركت هذه الأرض دونما الاستفادة منها، إلى أن اعتدى عليها أحد المواطنين بإقامة حوش على جزء منها، لتشرع وزارة الصحة قبل أربعة أعوام بتشكيل لجنة للاطلاع على الأرض، لكنها منذ ذلك التاريخ لم تقرر شيئا وبقي الأمر على حاله!. سيارة إسعاف مستوصف اليتيمة التي تبدو عليها عوامل الزمن رغم أنها من موديل 98، إلا أنها تعطلت أكثر من مرة، أحد الموظفين علق على الأمر «يبدو أننا غير نافذين وإلا كيف تفسر تزويدنا بسيارة إسعاف 2003 ثم سحبها بعد شهر دون إبداء الأسباب»، متسائلا: هل تعتقد أن مستوصف داخل مدينة جدة يحتاج إلى سيارة إسعاف جديدة لنقل المرضى، أم مستوصف يقبع في أقصى الساحل الغربي يقطع مئات الكيلو مترات عبر طرق ترابية وجبلية للوصول إلى أحد مستشفيات جدة. من جهته، أبدى أحد رجال الأعمال في المنطقة محمد بن علي الزبيدي موافقته على المساهمة والتبرع لإنشاء عيادات طبية، أو مرافق صحية في حال اعتذار وزارة الصحة بدعوى العجز، لافتا إلى أن التحويل من المستشفى لا يزال مستمرا لبقية المستشفيات، مؤكدا صعوبة علاج الموظفين والعمال حيث رفضت الشركات الصحية في جدة التأمين عليهم، بداعي أنه لا توجد قطاعات صحية خاصة في الليث حتى وصل الحال إلى علاج أنفسنا وأسرنا في جدة. مدير المستوصف اعتذر بدروه، واكتفى بالقول «لكم الحق في نقل ما ترونه في المستوصف، لكن لدينا تعليمات بعدم التحدث لوسائل الإعلام، ويمكن الرجوع إلى الجهات ذات الاختصاص للتعليق على الملاحظات والشكاوى».