لم تكن المشكلة عقول الناس، بل كانت المشكلة دوما العواطف والأهواء ، لأنها فطرية عمياء أدت، وما زالت تؤدي لكثير من الخروج على المنطق في تقييم الأشياء وتبنيها، هذا ليس تجاهلا للعقل العاطفي، لكن توصيف لخطره بدون عقل تجريبي استقرائي يقارن ويفكر. والحمدلله، فلدينا بوادر، ومبشرات على عودة العقل الجمعي، ضد عشوائية العواطف، وهذه المبشرات بدأت منذ ست سنوات، وعودة هذا العقل تمثلت في مخرجات الحوار الوطني وعودة جامعات العلم التطبيقي لدورها الطبيعي، والبدء بالإنفاق السخي على المؤسسات، والمنشآت العلمية التطبيقية بدل الضخ المال لإعادة قراءة وترسيخ علوم قديمة تجاوزها العصر، ومكانها المكتبات لمن يحتاجها مرجعا لا تطبيقا، وهذا كله تم بحمد الله بإطار من التمسك بفكر نموذج ساد في الدولة الإسلامية في أزهى عصورها، وهو البحث العلمي التطبيقي، في جانب، والفكر العقلاني بأدوات العصر وعلوم النانو، وليس بالأهواء والعواطف، والتخرصات الخرافية. باحثو الحضارة يجمعون، إلى اليوم، أن مشروع الأمة الإسلامية العلمي لم يسقط إلا عندما حرمت العلوم التطبيقية، وعلوم البرهان العقلي من المنطق، وعلوم الرياضيات والفيزياء، والكيمياء، ومناهج الدراسات التجريبية اقتداء بتعاليم جاءت من فكر الكنيسة في عصرها المظلم، ولم يأتِ تحريم العلوم والمنطق من فكر إسلامي أصيل، حرمت العلوم التطبيقية، وعلوم المنهج، والفكر لحساب علوم لا تطور الحياة. اليوم يتحتم علينا مراجعة غير جدلية، وعرض ما تأتي به عقولنا على البرهان، وما لا برهان له فنحيده، فجدل السعوديين اليوم، هو جدل عقلاني انبثق من فكرة الحوار الوطني، ولكن هناك مسلمات من علم اليقين عن المغيبات ما خصه الله لنفسه من العلم، وهناك جدل حول بعض النصوص التي يجب تحييدها مع العلم، أو العقل في أمور الدنيا، ومن هذه الأشياء تحريم مباحات من ما يحتاجه الناس في حياتهم، ومجابهة كل شيء بالهوى وظن النفس. في بداية عصر النهضة في أوروبا كان التقليد الأرسطي في العلوم هو السائد، وما هو غيره حرام، فحرموا أكبر ما ميز الحضارة الإسلامية في ذلك الزمن من علوم العقل، والمنطق، ومنها الرياضيات، والفيزياء وعلم المنطق، ونسب باحثون كثر سبب انحطاط الأمة الإسلامية بعد العصر العباسي لتحريم هذه العلوم، وللفرقة والتشتت، فلو استمرت الأمة الإسلامية بإنجازاتها في علم الرياضيات والمنطق والفيزياء، لكنا غير حالنا الآن بين الأمم. أنا متفائل أن اجتهادات فقهائنا الجدد ستواكب الحياة، وستقلل من التناقض لأن لدينا جيلا من العلماء يستطيع فهم الحياة بالعقل وليس بالتقليد، ولهم معرفة بحدود دينهم، ودنياهم. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة