أصدرت وزارة الداخلية تعميما يقضي بضرورة تطبيق الإجراءات الأمنية والجمركية على الجميع كائناً من كان دون أي استثناء ..(أي تفتيش كل من يصعد إلى طائرة سواء من الصالة التنفيذية أو الطيران الخاص). من هذا التعميم أريد الدخول إلى سلوك اجتماعي خاص بنا تفشى داخل المجتمع وأجزم أنه دخل إلى الخانة المرضية، فالقارئ أو المتابع لسلوكيات المجتمع سيلحظ تفشي (مرض الوجاهة). كتبت منذ فترة أن لدينا استعارة سلوك الأثرياء؛ بمعنى لو أن هناك مواطنا دخله لا يفي باحتياجاته الدنيا إلا أن سلوكه المعيشي سلوك القادر، فتجده يقطن البيت الفاخر والسيارة الفارهة ولديه خادمة ولديه السائق (حتى وإن لم تتوفر هذه الرفاهية لديه تجده يدعي وجودها ويتعب وهو يقسم بذلك). ومرض الوجاهة تجده ظاهرا من خلال الأحاديث المتبادلة عن أنواع الملابس أو الأحذية أو الجوالات أو الاكسسوارات أو أي مقتنى بصورة عامة حيث يصر المتحدث أن ما بحوزته جلب من أقاصي الدنيا له خصيصا (يعني من أجل خاطر عيونه صنع). وهذا المرض ظهر أيضا من خلال أرقام لوحات السيارات أو الجوالات (والتي أطلق عليها الأرقام المميزة)، حيث يتكبد الفرد دفع المبالغ الطائلة من أجل الحصول على رقم مميز .. وتجد أيضا شخصا (لم تمسه الأهمية من أي جهة يحمل ثلاثة جوالات (لا تعرف لماذا فلو كان الكون مركبا على رأسه لما احتاج لثلاثة جوالات) أو تجده يستأجر سيارة فارهة ليوم واحد بسائقها ليدور بها مقتعدا الكرسي الخلفي وهناك أيضا من يستاجر ثلاثة أو أربعة أشخاص ليسيروا خلفه لإعطاء إيحاء ما لمن يراه دائرا في الأسواق أو المراكز بأنه مهم «وأن الطراطير اللي وراه تابعين له» .. وفي أحيان تكون في جلسة (وفي أمان الله) إذ يقفز أحد الجلوس ليحدثك (وبغير مناسبة) أنه يعرف الشخصية المهمة الفلانية وأنه تناول وجبة العشاء مع الشخصية العلانية أو أن الشخصية (البطيخية) زارته في منزله العامر ..(طيب وبعدين.. يريد أن يوصل لبلادتك أنه شخص مهم وأنت مطنش). وهذا المرض لم يقف عند سن محددة بل تغلغل ليصل إلى الأطفال (وكأن المرض يواصل رحلته المستقبلية) فتجد الطفل يحقر أترابه بملاحظة ما يلبسون ووصم تلك الملبوسات أنها (ماركة أبو كلب) أي الحط من شأن الآخرين من خلال القيمة المادية لملبوساتهم وليس وفق أي معيار آخر. كما نجد أن منع المولات والمراكز التجارية دخول الشباب أدى إلى ظهور (مرض الوجاهة) بصورة فاقعة، حيث أصبح كل شاب لم يتجاوز الثامنة عشرة يلح في الحصول على ورقة كتب عليها «لا يتم التعرض له» ... وهي الصرعة الجديدة عند الشباب والكل يبحث بالرجاء والتوسط للحصول على هذه الورقة التي تعد دليلا قاطعا على وجاهته. ويأتي تعميم وزارة الداخلية بضرورة تفتيش كائن من كان أن هناك من يرى أنه أكبر من أن يفتش وليؤكد أيضا على تغلغل مرض الوجاهة في كل مناحي ومناشط حياتنا، فمن لا يتفتش بلغ الوجاهة الكاملة!. هذا هو الداء ولم تبحث أية مؤسسة في الدولة عن العلاج. ويبدو أن كلامي (ماركة أبو كلب) لأني استشعر أن أحدهم شقق وجهي صارخا: وأنت مالك.! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة