بعث رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد الدكتور عبدالله بن بيه، رسالة للجالية المسلمة في أمريكا، مطالبا إياهم بالاستفادة من الحريات المتاحة في المجتمع الأمريكي والمشاركة في كل الحقوق بما فيها «الانتخابات»، وتضمن التعديل الأول في الدستور الأمريكي التأكيد على حق العبادة، حيث إن «ممارسة الديانة حق لا يمكن المساس به». وألمح ابن بيه إلى أن هذه الحقوق «نوع الواجبات، لأن المواطن عليه أن يشارك المواطنين في كل خير، وأن يعمل ما يسمى بتحالف القيم المشتركة، كقيم المواطنة والخير والأمن، والحرص على اقتصاد البلد وأمنه»، داعيا الجالية المسلمة إلى تعليم أبنائها تلك القيم المشتركة، «عليكم أن تشاركوا في إيجادها، عليكم بذل كل جهد هذا من نوع العبادة لأن عبادة الحق جل وعلا والرحمة بالخلق هو صميم الدين وهو جوهره وعلى المسلم أن يشعر بهذا الانتماء العالمي، فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: البلاد بلاد الله، والعباد عباد الله، فحيثما أصبت خيرا فأقم، وأن من القيم التي يدعو إليها الإسلام أن يكون المؤمن إيجابيا لا سلبيا، وأن يكون عنصرا فعالا لا خاملا، لا يرجح ميزانا ولا يعدل وضعا، بل داعيا إلى الخير ومتعاونا مع ومن حوله»، معتبرا أن المشاركة الفاعلة في المجتمع أمر مطلوب ومرغوب. وقال معقبا: علينا كمسلمين أن نشجع التعايش، وأن نكون روادا له، وأن نبذل جهدنا لترسيخ قيم العدل والتعاون والتضامن، فهي قيم إنسانية أخلاقية يحرص عليها الإسلام وكل الديانات. وأوضح أن من مقاصد الشريعة أن يكون الإنسان عنصرا فاعلا في وطنه، وأن يكون إيجابيا لا سلبيا، متعاونا لا منعزلا، خيريا لا عنصر شر، مشيرا إلى أن «المواطنة» كما هي عقد اجتماعي كما يقول علماء القانون، فإنها انتماء نفسي للأرض والخلق والبيئة، ومؤكدا أن هذا الانتماء والشعور النفسي تشمله المواطنة والرحمة بالخلق، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول «الراحمون يرحمهم الله، فإذا رحمتم الناس وتعاملتم معهم بذلك فإن من شأن ذلك أن يرضي الله سبحانه ومن شأنه أن يجعلكم مقبولين في المجتمع الذي تعيشون فيه»، وبين أن «الديانات السماوية جاءت لهداية البشرية، ولتعريفهم بحسن العلاقة مع البارئ جلت قدرته، وتحسين العلاقة مع أمثالهم من الخلق، فعبادة الحق والرحمة بالخلق هي سر الرسالة السماوية». وركز ابن بيه في حديثه لمسلمي أمريكا حول الحديث النبوي (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)، موضحا أنه عليه الصلاة والسلام «لم يذكر في الحديث المسلمين، ولم يقل الأقارب أو العرب أو العجم، وإنما تحدث عن كل الناس»، داعيا إلى أن تكون العلاقة بين الناس «علاقة مواطنة ومشاركة مودة وبر».