تسطع في الذاكرة الجمعية أسئلة عن الجهة التي تتحمل غرق الضحايا في البرك والغدران ومياه السدود والآبار المهملة والتي تطلق مناحاتها بين الحين والآخر مخلفة ضحايا في عمر الزهور حينما يجدون أنفسهم في مصائد مائية خلفتها أيدي الإهمال. ويقف في قفص الاتهام؛ البلديات، الدفاع المدني، وزارة المياه، أصحاب الآبار ثم تجار الرمال الذين يلقون البطحاء ويتركونها وتأتي الأمطار وتمتلئ البرك وتصبح شباكا لاصطياد العابرين والمتنزهين. وفي أضابير المحاكم هناك العديد من القضايا المرفوعة ضد الجهات والشركات التي تترك الحفر لمياه الأمطار ومن ثم تصبح مصائد للضحايا. كانت الساعة تدق الحادية عشرة صباحا حينما خرج أربع أطفال من قرية تسترخي على أحد الأودية في جازان، أثناء تجوالهم في الوادي دعاهم فضولهم لمشاهدة بركة آسنة ولم يكن يدر في حسبانهم أن تلك الإطلالة على البركة ستكون آخر أيامهم في الحياة وذلك حينما انزلق أحدهم في الماء وحاول البقية إنقاذه لكنهم جميعا لقوا حتفهم غرقا، أسرة الضحايا لم تحمل أحدا أوجاعها ولا زال الجرح نازفا وفي نفس الوقت فإن البرك المهملة ما زالت تفتح أفواهها لاصطياد المزيد من الضحايا. وفي هذا السياق لا يزال أطفال أهالي منطقة نجران يعيشون في خطر عند هطول الأمطار بسبب الحفريات العشوائية المنتشرة بوادي نجران وبعض المنتزهات البرية وقبل ثلاثة أشهر تقريبا ابتلعت إحدى الحفر بوادي نجران بحي الجربة فتى يبلغ من العمر 15 عاما وذكرت التقارير أن حفرية مليئة بماء المطر ابتلعت الفتى والتي خلفتها إحدى الشركات. وجدد مستنقع محافظة العارضة التابعة لمنطقة جازان الذي التهم أربعة أشقاء من أسرة واحدة جراح عائلة آل سويدان من سكان حي الشرفة شرق منطقة نجران التي فقدت سبعة من أبنائها دفعة واحدة في غدير الصبايا بقرية الحصن قبل أربع سنوات تقريبا. وتعود تفاصيل ضحايا حادثة الغرق في غدير الصبايا والتي بدأت برحلة تنزه لأفراد العائلة إلى الغدير وغافل طفل في الخامسة من عمره أهله وتسابق أفراد الأسرة لإنقاذه فغرق منهم سبعة أكبرهم في الثانية والثلاثين من العمر وابتلعت المياه ضحاياها واحدا تلو الآخر في الغدير الذي يبلغ عمقه أكثر من ثلاثة أمتار ويمتد طوله لمسافة 20 مترا وعرضه حوالى 10 أمتار. وكشفت جولة «عكاظ» وجود حفرة عميقة بالقرب من طريق سد وادي نجران خلفتها الشركة التي تقوم بتوسعة طريق الأمير سلطان غرب المنطقة والتي تفتقد إلى لوحات تحذيرية أو سياج يمنع الوصول إليها وتشكل خطرا على السيارات التي تسلك طريق الأمير سلطان. «عكاظ» بدورها أجرت اتصالات على المسؤولين في الدفاع المدني وإدارة الطرق بالمنطقة لرفع الخطر من الحفرة التي تقع على قارعة طريق الأمير سلطان وكل جهة ترمي بالمسؤولية على الأخرى. وكانت «عكاظ» نشرت في عددها الصادر بتاريخ 22/4/1432ه خبرا تحت عنوان (وسائل السلامة تغيب في سد أبا الرشاش) وتابعت الخطر المتواجد داخل منتزه سد وادي أبا الرشاش في عددها الصادر بتاريخ 28/4/1432ه تحت عنوان (مدني نجران يخلي مسؤوليته عن سد أبا الرشاش ) بعد أن تنصلت مديرية الدفاع المدني في منطقة نجران، عن دورها الأساسي في توفير وسائل السلامة، وحماية أرواح المتنزهين في سد أبا الرشاش غربي المنطقة، محملة مديرية المياه في المنطقة مسؤولية غياب وسائل السلامة في السد. كما أجرت «عكاظ» بدورها اتصالا هاتفيا أمس على مدير عام المياه في منطقة نجران المهندس صالح مصطفى هشلان لمعرفة دورهم في حماية المتنزهين في منتزه سد أبا الرشاش الذي بدوره أكد ل«عكاظ» بأن مديرية المياه في المنطقة وضعت عددا من اللوحات التحذيرية لمنع المتنزهين من الاقتراب من البحيرة التي تشكل خطرا، مشيرا إلى أن هناك مكاتبات في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المتنزهين مع الجهات المعنية . وفي محافظة تربة تشكل أكثر من1300 من الآبار الجوفية والارتوازية المكشوفة خطورة بالغة على الأطفال وكبار السن والمواشي لاسيما والكثير منها على ارتفاع قريب من سطح الأرض إن لم يكن جلها مساو لسطح الأرض. وأكد محمد قعدان البقمي أن الآبار الجوفية في تربة وضواحيها أصبحت تشكل خطورة بالغة على المواطنين والمقيمين بعد أن تركت مكشوفة على ارتفاع قريب من سطح الأرض، ولم تتوقف الخطورة على ذلك بل أصبحت الآبار الارتوازية التي تنتشر في الشوارع ووسط الأحياء السكنية أشد خطورة بسبب عمقها الذي يتجاوز مئات الأمتار وطالب المواطنين أصحاب تلك الآبار بوضع مسيجات عليها أو تغطيتها للحد من الخطورة التي تشكلها على الجميع. وأوضح مدير إدارة الدفاع المدني بتربة العميد سعد صايل الحارثي أن هناك تنسيقا مع وزارة الزراعة والمياه بعدم منح ترخيص لحفر الآبار الارتوازية في مواقع التجمعات السكانية إضافة لتشكيل لجنة تشارك الدفاع المدني في حصر الآبار الجوفية المهجورة والمكشوفة في المحافظة وقراها وأخذ التعهد على أصحابها بردمها أو وضع مسيجات حولها حفاظا على السلامة العامة.