هناك تشريعات لم يتركها الله عز وجل للخيار أو وفق تشريعات بشرية يقصر علمها عن الإحاطة بها وبظرفيتها الزمانية والمكانية، ومن تلك التشريعات مسألة الزواج فالقاعدة بنيت على (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض و فساد كبير) وهو حديث يقابله حديث (تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فعليك بذات الدين تربت يداك). وإقرار مجلس الشورى لمشروع تنظيم زواج السعوديين بغير السعوديات لم يحط بكل ظروف وأحوال الناس من النساء والرجال، كما أنه خضع للظرفية الزمانية، فالنظام ينص على السماح لجميع السعوديين بالزواج من مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وذلك نظرا لطبيعة العلاقة التي تربط بين هذه الدول والسمات المشتركة بين شعوبها، وهذه الجزئية مثلا يمكن لها أن تتسع في قابل الأيام خاصة ونحن نسمع عن النية بإلحاق اليمن والمغرب والأردن إلى قائمة أعضاء مجلس التعاون (فهل تتسع معها جملة: السمات المشتركة بين شعوبها؟!!، وإن حدث وانضمت هذه الدول لمجلس التعاون فإن إقرار مجلس الشورى سوف يتسع لبقية الدول المذكورة كونهم أعضاء مما يعطي دلالة أن المنع من الزواج من غير السعودية الخشية منه ليست لها علاقة بما يتولد من مشاكل بين طرفي الزواج، وهذه المشاكل لا يمنع حدوثها أن تكون الزوجة سعودية أو غير سعودية، إذا لماذا التضييق الآن على الراغبين بالزواج من غير السعودية مادام الأمر قابلا للاتساع. وثمة نقطة أخرى تمثلت في اللجنة المشاركة في إصدار القرار أن بها ممثلا لحقوق الإنسان، فهل لوائح حقوق الإنسان تجيز هذا التقيد لحرية اختيار الزوجة، وقبل ذلك هل الشرع قيد حرية الاختيار؟ ثم إقرار الفارق السني والتسامح معه لصالح الزوج السعودي، هل هو إقرار أيضا بما ترفضه المرأة السعودية ويرى مجلس الشورى أن غير السعودية ستقبل به؟ فإن كان الإقرار بهذه الصيغة فهو إقرار أيضا بسلوكيات اجتماعية غير مرغوب بها البتة كونك أن تظهر ذاتك بأنها الأرفع والأسمى وأن غيرك في درجة أدنى. فهل يتسع صدر مجلس الشورى واللجنة المنظمة لاختيارات الناس في الزواج؟ [email protected]