مفهوم الأصالة كان له دور أساسي في تشكيل طبيعة رؤية الدكتور علي سامي النشار لمفهوم الفلسفة الإسلامية وتاريخها، ولا يمكن النظر لهذه الرؤية وتحليلها وتكوين المعرفة بها بعيدا عن هذا المفهوم الذي تمسك به النشار بشدة واضحة، وبطريقة جعلته يفارق الآخرين الذين يقولون أيضا بأصالة الفلسفة الإسلامية ويدافعون عنها وكانوا السابقين إلى هذا المنحى، كالشيخ مصطفى عبدالرازق ومن ينتمون لمدرسته الفلسفية، والدكتور إبراهيم مدكور وآخرين. وهذا يعني أن مفهوم الأصالة بقدر ما مثل عنصر اشتراك بين الدكتور النشار وأولئك الآخرين، بقدر ما مثل أيضا عنصر افتراق مع هؤلاء الذين اختلف معهم في طريقة النظر لهذا المفهوم، وسعته ومرونته. وعنصر الافتراق، تحدد في الموقف من فلاسفة المسلمين، الذين لا يمثلون في نظر النشار مكونا أصيلا في الفلسفة الإسلامية، ويرفض رفضا قاطعا تصنيف هؤلاء على الفلسفة الإسلامية، والانتساب إلى أصالتها وإبداعها. وقد شن النشار هجوما عنيفا على هؤلاء الفلاسفة، ظل يعيده ويكرره ويرجع إليه مرات عدة بالحدة والشراسة نفسهما، وذلك في كل مرة يأتي على ذكرهم في كتابه (نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام)، وبقي على هذا الموقف ولم يغير أو يبدل فيه، وكان مسرفا من هذه الجهة. والغريب في الأمر، أن الدكتور النشار لم يعترف لهؤلاء الفلاسفة بأي أثر حسن، وبأي فضيلة تذكر، وفي أي جانب من الجوانب، ورافضا ومتغافلا وسالبا ما ذكره الآخرون المتقدمون والمتأخرون من أثر حسن لهؤلاء. والمقصود بهؤلاء الفلاسفة كل من الكندي والفارابي وابن سينا وابن باجة وابن طفيل وابن رشد، الذين يعتبرهم النشار متفلسفة وليسوا فلاسفة، ويصفهم بمقلدة اليونان، وفي نظر النشار أن محاولاتهم الفلسفية كانت أقرب إلى الشرح والتعليق، وجاءت مشوهة وناقصة. ويسمي النشار هؤلاء بأصحاب الفلسفة الإسلامية، وليسوا بأصحاب الفلسفة المسلمة، ويعتبر الفلسفة الإسلامية بهذا التحديد إنما هي ترف علمي قامت به مجموعة من الإسلاميين التي انفصلت فكريا عن المجتمع الإسلامي، وعنده أن أصحاب هذه الفلسفة لم يعيشوا في العالم الإسلامي إلا كدوائر ملفوظة منفصلة عن تيار الفكر الإسلامي العام، وأنهم عاشوا وكتبوا، ولكن لم يكن لكتاباتهم صدى، وانتهت مجامعهم الفلسفية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 115 مسافة ثم الرسالة