كل ما يخطر في البال من سوء في التنظيم وخلل في التخطيط ورداءة في الخدمات يمكن أن توصف به محافظة الليث، ولا أبالغ في وصف ما تعيشه المحافظة من وضع تراجع رونقها البحري وطابع المدينة التنموي بشيخوخة الليث المفرطة، اسم ومصطلح تداوله أبناء المحافظة في وصفهم لمدينتهم التي وقفت عن ركب التنمية الذي تشهدها منطقة مكةالمكرمة، على الرغم من أنها بوابة مكة الجنوبية، إلا أن ذلك الوصف دفع محمد بن عبدالعزيز القباع المحافظ الذي عين حديثا محافظا ويحمل حقيبة التطوير والتنمية بدءا من مطلع الشهر الحالي 1432ه، على التأكيد أن «الخدمات لا ترتقي لمكانة وتاريخ وعراقة الليث، وهى خدمات دون المستوى، لكننا سنسعى إلى الارتقاء بمحافظة الليث لتواكب مرحلة التطوير التي تشهدها المنطقة ومحافظاتها»، مضيفا «لا نستطيع تنفيذ كافة المشاريع التي تحتاجها المحافظة والمراكز التابعة لها دفعة واحدة، وسيتم جدولة هذه المشاريع من خلال تحديد أهمية كل مشروع وحاجة المواطنين إلى هذا المشروع والجهة التي ستتولى تنفيذه، وعقدت اجتماعا مع الأهالي واستمعت إلى مطالبهم، وبحثت مع مسؤولي الإدارات الحكومية في المحافظة المعوقات والحلول العاجلة لتنفيذها، ويعكف المجلس المحلي على معالجة ومناقشة المشكلات»، وبين محافظ الليث أنه، «تمت مناقشة تحسين مدخل المحافظة، واستكمال مشاريع الإنارة والأرصفة، وتطوير كورنيش الليث ليواكب موقعها ومكانتها السياحية»، وأوضح محمد القباع، أن «هناك خطة لتنمية كافة المراكز التابعة إداريا لمحافظة الليث تبدأ بتحديد الاحتياج لكل مركز من هذه المراكز، حيث عمدت رؤساء المراكز بجدولة احتياجات السكان، وأرى أنه يجب أن يكون في كل بلدية ومركز قسم للشرطة، وسيتم رفع هذا التصور لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة الذي يتابع أولا بأول التنمية المستدامة في محافظات ومراكز وقرى منطقة مكةالمكرمة». محطة «عكاظ» الثالثة تنطلق من محافظة الليث في جولة ترصد مكامن الخلل وأسباب غياب التنمية فيها، محافظة الليث هي إحدى محافظات منطقة مكةالمكرمة وتطل غربا على البحر الأحمر وتمتد إلى سروات الحجاز شرقا ويصل امتدادها جنوبا حتى محافظة القنفذة ويمر بها الطريق الساحلي جدةجيزان، وكانت ميناء تجاريا يستقبل الحجاج من شتى أمصار العالم ويستورد البضائع الواردة من جيزان واليمن وتصدر إلى مكةالمكرمةوجدة عن طريق السفن الشراعية، ويرجع سبب تسميتها بذلك الاسم إلى وادي الليث الذي تقع عند مصبه، وتبعد عن مكةالمكرمة 180كم جنوبا، وتبعد عن جدة 190 كم، وتقدر مساحتها بحوالى 30 ألف كم2 ويزيد عدد سكانها عن 200 ألف نسمة موزعين بين المراكز والقرى الجبلية والساحلية والهجر. محافظة الشيخوخة «عكاظ» تجولت في شوارع المحافظة الضيقة، وحمل أهالي الليث مسؤولية تأخر التنمية في محافظة الليث التي وصفوها بأنها محافظة كل ما فيها يشير إلى الهرم والشيخوخة بعيدة كل البعد عن قطار التنمية، بل إن انتشالها من هذا التراجع التنموي قد يكون صعبا إن لم يكن مستحيلا خاصة إذا بدأ التطوير بترميم البنية التحتية السابقة، وإذا كان هناك رغبة في التنمية العاجلة للمحافظة فيجب أن تبنى على أسس سليمة تضع في الأولويات عدم محاولة البناء من جديد بل تحدد مدينة جديدة للمحافظة، تكون محاذية لكورنيش الليث، وفي المقابل يتم الإبقاء على مدينة الليث القديمة مع إجراء بعض التحسينات عليها لتجميل وجهها، أمام أهالي وزوار المحافظة التي تضم 13 مركزا إداريا، في مدخل محافظة الليث تستقبلك الانبعاثات النفطية من زيوت محلات إصلاح كفرات السيارات والورش التي تنتشر على جنبات الطريق دون أن يتحقق لسكان المحافظة مطالبهم المتكررة بنقل هذه الورش إلى مدينة صناعية تخضع لضوابط واشتراطات تمنع تلوث البيئة، وعلل سعيد سند الزبيدي عمدة الحي الشرقي في محافظة الليث أسباب تأخر التنمية في المحافظة بتأخر اعتماد البلديات في المراكز التابعة للمحافظة إداريا، حيث تولت بلدية الليث توزيع ميزانيتها في السنوات الماضية على مشاريع شملت المحافظة وعددا من المراكز، حيث لا يوجد سوى بلديتين الأولى في مركز الشاقة والثانية في مركز أضم والآن اعتمدت بلدية في مركز غميقة، وهناك حديث عن افتتاح بلديتين في مركز سعيا، وقد تساهم هذه البلديات مجتمعة في تنمية الخدمات البلدية في المراكز الإدارية للمحافظة وسيخف العبء على بلدية الليث التي يجب أن ترتقي بأعمالها لمواكبة حاجة أهالي الليث، وأضاف الزبيدي، أن «المحافظات قطعت شوطا في جوانب التنمية بينما لا تزال الليث بعيدة عن التنمية والتطوير ونتطلع إلى تطوير الخدمات البلدية في شتى المجالات». غياب الإعلام في ظل ما تتعرض له محافظة الليث ومراكزها الإدارية من مظاهر بيئية غاية في التعقيد لا تزال الليث غائبة عن نشرات الأحوال الجوية على الرغم من أنها تمثل مخاطر محدقة بالسكان في مواسم هطول الأمطار وتهدد بسيول جارفة عبر وادي الليث والأودية الأخرى التي جرفت خلال السنوات الماضية مساكن وعزلت القرى، كما أن سكانها والقاصدين إليها يواجهون خلال الصيف ارتفاعا لدرجات الحرارة التي قد تتسبب في بعض الأحيان إلى حدوث وفيات، وتغطي الليث والمراكز الإدارية خلال فصل الصيف سحب من الغبار الذي يحجب الرؤية، ولم تجد مطالبات الأهالي صوتا مسموعا لحاجتهم إلى محطة للأرصاد الجوية التي كان قد تم اعتماد إنشائها في محافظة الليث قبل 6 أعوام.«عكاظ» واجهت هيئة الأرصاد وحماية البيئة بغياب الليث عن نشرات الأحوال الجوية، فجاء الرد على لسان المتحدث باسم هيئة الأرصاد حسين القحطاني الذي أكد، أن «الهيئة بدأت بإنشاء محطة رصد في محافظة القنفذة كونها ستشهد إنشاء مطار، وعادة الهيئة لا تنشئ محطات رصد إلا في المناطق التي فيها مطارات لمواكبة خدمات الملاحة الجوية، لكن الهيئة لديها محطات الرصد الأتوماتيكية غير المأهولة وتنقل المعلومات ومرتبطة بجدة مباشرة»، وحول غياب الليث عن نشرة الأحوال الجوية ذكر القحطاني، أن «الليث تدخل ضمن إطار الأحوال الجوية في منطقة مكةالمكرمة وعادة تكون أجواؤها قريبة من أجواء منطقة مكة، وإذا أردنا أن ننقل الأحوال الجوية في كل المدن السعودية ستحتاج النشرة إلى ساعتين، ونحن نختار الأماكن التي تشهد تغيرات بيئية واضحة، ونكتفى بذكر واحدة من المناطق المتقاربة في درجة الحرارة، وما يذكر في النشرات الجوية من المناطق يتم اختيارها وفق آلية الأرصاد، وأية ظاهرة جوية يتطلب الإعلان عنها نسارع فورا بالإعلان سواء في ما يتعلق بمواسم الأمطار وغيرها من الظواهر البيئية». تطوير كورنيش محمد البركاتي استوقف فريق «عكاظ» أثناء جولتنا على كورنيش الليث، وقال «أنقلوا عنى، كورنيش الليث متهالك ولا يجب السكوت على هذا الوضع ماذا قدمت البلدية لتطويره، منذ سنوات ونحن نسمع عن تطوير كورنيش الليث لكن لا حياة لمن تنادي، غابت المرافق الخدمية وملاهي الأطفال وجلسات الشباب، وحضرت القمامة التي لا تجد من يرفعها في هذا الكورنيش الذي أصبح عنوانه العشوائية»، وأضاف حتى أن قائد السيارة يستطيع الدخول بسيارته في البحر نظرا لغياب الأرصفة، وبين البركاتي أن بعض سكان الليث يشدون الرحال إلى محافظة جدة للتنزه على الكورنيش، حيث لا وجود لكورنيش الليث على خريطة المدينة ولا يزال خارج دائرة الخدمات وغائبا عن ركب التطوير. مكانة سياحية يترقب أبناء محافظة الليث ومراكزها الإدارية ميناء الليث الاقتصادي والذي بلا شك سيحقق مردودات إيجابية ستنعكس إيجابا على أبناء المنطقة، حيث سيخدم محافظة الليث والمحافظات والمدن والقرى القريبة منها، ويحلمون بأن يعيد ميناء الليث مكانتها الاقتصادية والسياحية، من خلال الاستثمار والتطوير وجذب رؤوس الأموال للاستثمار فيها، وبالتالي سيحقق مشروع الميناء البحري الفرص الوظيفية لأبناء المنطقة في الأعمال المهنية والفنية والإدارية والبحرية، لكن سلطان المهداوي انتقد القطاع الخاص معتبرا أنه لم يقم بدوره في دعم التنمية في المحافظة ونعول أن يكون له دور أساسي في التنمية. لجان أهلية غابت المراكز الاجتماعية في محافظة الليث ما دفع الأهالي إلى تشكيل 13 لجنة أهلية لممارسة النشاط الاجتماعي في المحافظة وتعزيز جوانب تفعيل الروابط بين سكان الأحياء والقرى والسعي في إصلاح ذات البين، يقول سعيد الزبيدي «مهمة هذه اللجان التنمية المستدامة وتتوزع في المحافظة والقرى والهجر، لكن ما يدعو للاستغراب هو عدم وجود مركز اجتماعي لرعاية هذه اللجان وتحديد الأطر التي يجب أن تعمل عليها، وننشد هذا التطوير ولا يجب أن يقتصر التطوير على مجال الخدمات البلدية بل يجب أن يشمل الجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، السياحية». المراكز الإدارية 13 مركزا إداريا تفتقر لجوانب الخدمات الضرورية لسكانها فما غاب عن محافظة الليث لا يمكن أن يتوافر في مركز من مراكزها التي تنتشر على الطريق الساحلي حتى حدود محافظة القنفذة من الجنوب ومكةالمكرمة، محافظة جدة من الشمال وتمتد شرقا حتى أعالي جبال حقال والمرقبان وربوع العين، جميع تلك المراكز غابت عنها الخدمات البلدية عدا مراكز أضم والشاقة والآن استبشرت غميقة بافتتاح البلدية، ولكن جميع تلك المراكز لا تغطى بالخدمات البلدية سوى أقل من 50 في المائة، بينما البعض الآخر منها لا تحظى بالخدمات البلدية مطلقا، يقول منصور عبده من سكان مركز غميقة «غياب الخدمات البلدية في مركز غميقة غير مبرر، خاصة وأن مركز غميقة يعتبر أقرب مركز من المحافظة ومع ذلك كانت غميقة من أكثر المراكز حاجة للخدمات». الشاقة والوسقة في مركز الشاقة وقرى الوسقة زحفت الرمال على المنازل فحجبت سكانها عن المحيط الخارجي، وما زاد من أوجاع السكان الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، الأمر الذي أنهكهم ماديا، حيث أدخل البعض منهم في نفق الديون نتيجة تعطل الأجهزة الكهربائية لتذبذب التيار الكهربائي بين القوة أحيانا والضعف في الكثير من الأحيان، سعيد البركاتي من سكان الشاقة قال «وضع المراكز والقرى مترد، ونأمل أن تكون بلدية الشاقة دافعا لرفع معاناة السكان من زحف الرمال من خلال مشاريع زراعة الأشجار والتنسيق مع وزارة الزراعة لإنهاء هذه المعاناة ومواصلة نقل الرمال الزاحفة بشكل مستمر من أمام المنازل والأحياء وتعبيد الطرق التي تربط بين قرى الشاقة والوسقة». المرتفعات الجبلية في مراكز الجائزة وأضم وحقال والمرقبان يتعرض السكان لمعاناة التنقل بين القرى الواقعة في الأودية والجبال، حيث تعوق الحركة السكان خاصة في ظل غياب مشاريع سفلتة الطرق الوعرة، وتواجه المعلمات والمعلمون صعوبات في الوصول إلى مدارسهم، سعود المالكي «معلم»، ذكر أن «القرى النائية لم تصلها بعد السفلتة، الأمر الذي يواجه فيه السكان صعوبات في قضاء مستلزمات أسرهم خاصة وأن الأسواق تقع في مناطق بعيدة عن هذه القرى التي تقع في قمم الجبال وخلف الأودية حتى أن الكثير من النساء يضعن مواليدهن في السيارات التي تقلهن للمستشفى بسبب وعورة الطرق، كما أننا نطالب بضرورة إنارة الشوارع والاهتمام بالنظافة ونقل المخلفات إلى مرمى النفايات».