رسميا المسألة تم حسمها بالمنع، لكن واقعيا الموقف فيه من غض البصر والتجاوز ما يتسع هنا وربما يضيق هناك، هناك من يرى أن هذا التصرف فيه سرقة لوقت العمل، وهناك من يعتقد أن الوضع لم يصل إلى ذلك الحد الذي يتأثر به العمل ومصالح الناس، هناك من يرفض وبقوة النظام، وهناك من يتساهل مطالبا بالحد الضئيل من الوقت لا أكثر ولا أقل، (الإفطار الجماعي للموظفين)، مسألة مصيرية لدى الكثير من الموظفين ومرفوضة وبحدة من قبل المراجعين، وبين هذه الرؤية وتلك يمر جدال عريض ونقاش يلتقي هنا ويفترق هناك، يلتقي عندما يتعلق الموقف بالموظفين، ويفترق عندما يصبح ذلك الموظف مراجعا لدائرة يتناول موظفوها إفطارهم، هنا تتسع الرؤية وبلا حدود، دعونا نعايش ذلك: صمت واعتذار بكل حماس، يقول مروان يوسف برديسي: أنا واحد ممن تعطلت معاملته في إدارة حيوية بسبب وجبة الإفطار الجماعية، إذ طلبت منهم الاستعجال في فطورهم، لأنهم طولوا الزمن، وكانت النتيجة أن الموظف استمر في تبديد الوقت عنادا ولم يجلس على كرسي مكتبه إلا متأخرا ومع ذلك رفض التوقيع عنادا بحجة أن معاملتي ناقصة وتحتاج لبعض الصور، والتي لم يطلبها مني من قبل، وعلى مدى أربعة أيام وأنا في الإدارة ولم تنته معاملتي إلا بعد أن اعتذرت منه، لكن في قرارة نفسي كنت غير راض عن تصرفي وأيضا غير راض عن سكوت مسؤول الإدارة الخدمية لضياع ذلك الوقت في الإفطار الجماعي. مبالغون جدا وبصورة موضوعية، قال حسين سهل اليعقوبي: لا يفترض التعميم أن كافة القطاعات الحكومية أو غير الحكومية يمارس فيها هذا العمل، أقصد الإفطار الجماعي للموظفين، ولا أظن أن المدير أو رئيس قسم يرضى أن يضبط موظفيه وهم يبتعدون عن مكاتبهم من أجل أن يتناولوا الإفطار، أقول ربما هناك البعض لكن ليس الجميع, وخصوصا أن تناول الإفطار مخالف للأنظمة واللوائح, وليتهم يعترفون أن سبب تأخر إنتاج العمل هو ضياع الوقت بدلا من التحجج بقلة عدد الموظفين. وموضوع الإفطار الجماعي يختلف من مكان لآخر، فمثال القطاعات التي تشهد كثافة مراجعين مثل المحاكم وكتابات العدل والأحوال المدنية، يفترض المنع فيها، فيما يمكن التساهل في المدارس خاصة وأن المعلم لديه وقت يقضيه في غرفة المدرسين فإن منعت الإفطار الجماعي بالتأكيد سيخرج إلى خارج المدرسة وقد يتأخر عن حصته، يواصل حديثه ويقول: دعك ممن يقول بأن على الموظف أن يفطر في بيته، لأن أغلبنا لا يمكنه فعل ذلك لضيق الوقت بين ساعات العمل وساعة صلاة الفجر وتوصيل الأبناء إلى مدارسهم أو توصيل الزوجة إلى مدرستها. وقت ميت ويؤيد هذه الرؤية عطا الله محمد الحربي، قائلا: بالفعل ليست المسألة تهاونا أو تكسلا فنحن نؤدي عملنا بجد، والدقائق الأولى من الدوام هي دقائق ميتة وعدد المراجعين، لذلك ننتهز هذا الوقت في تناول بعض الإفطار بصورة جماعية، ولا يمكن أبدا أن نستغل هذا الوقت لتبديد وقت العمل؛ لأن هناك من يراقبنا على هذا الوقت وهو مسؤول عنا وعن إنتاجية اليوم كرئيس القسم أو المدير العام للقطاع. اعتراض وقهر يتدخل فالح سليم اللهيبي معترضا ويقول: بالله عليك أنت الذي تقول بأنك تستغل الساعات الأولى من الدوام وتسميها بالوقت الميت بالرغم أنه لا توجد ساعات ميتة أو ساعات حية في الدوام الرسمي، ما هو شعورك لو ذهبت إلى إدارة من أجل إنجاز معاملتك ووجدت موظفيها في فطور جماعي وتأخرت في العودة إلى مكتبك ألن تشعر بالقهر؟! ويرد عليه عطا الله قائلا: نعم سأشعر بالقهر لو أمضوا ساعة تقريبا في إفطارهم؛ لكن إن كان الموقف هو مجرد عشر دقائق أو ربع ساعة فالموضوع عادي جدا، يا أخي لو لم يتناول الموظف الإفطار وبطنه خاوية، فكيف تريده أن ينتج لك عملا!!. قاطعه اللهيبي: العمل مكان للإنتاج والترزق وليس للإفطار الذي يجب أن يكون بعيدا عن ساعات العمل بدليل أن لوائح العمل والتوظيف تمنع مثل هذا الاستهتار، فليأكل الموظف حتى يطلع الطعام من أنفه لكن بعيدا عن التلاعب بساعات الدوام والتي هي ملك للعمل والمراجعين ولمصلحة الإدارة والعمل وعباد الله. مصلحة العمل ويقول أحمد لبان: الإفطار الجماعي داخل الإدارات يعتمد على نوع الإدارة أو العمل فإن كانت الإدارة لا تعتمد على وجود المراجعين وليس هناك تبديد لوقت المراجعين فلا بأس، أما إذا كانت الإدارة ممن يتوجه لها عدد من المراجعين ويترتب ضياع لوقت الدوام والمراجعين وعلى إنتاجية العمل، فالمسألة تصبح عندها صعبة ولا ينبغي فعل هذا لأن فيه ضررا على مصلحة العمل. مسؤولية المدير ويفصل حمدي محمد فندور الوضع بقوله: المسألة ترتبط بموضوع عقد العمل فإن كان عقد العمل يتضمن ساعة أو ساعتين راحة يتناول فيها الموظف أو العامل إفطاره فلا ضرر من ذلك أما أن كانت المسألة تستقطع من ساعات العمل دون موافقة صاحب العمل فلا يجوز فعل ذلك، واعتقد أن الموضوع بالكامل يخضع لتقدير مدير العمل. إهمال وتلاعب ويعتبر شعيب بكر أن إفطار الموظفين خلال ساعات الدوام هو نوع من أنواع الإهمال والكسل، فالإفطار مهما كان نوعه مكانه في البيت، أما دخول الموظفين في غرفة وتناول الإفطار في وقت يكون فيه كافة المراجعين بالانتظار فهذا هو التلاعب وهذا هو الإهمال. تضييع الوقت في حين يقول صالح سعد الزهراني: بأن ساعات العمل هي للعمل، وأنا أتفق مع كل من يرى بأن الإفطار الجماعي داخل أروقه العمل يجب أن يمنع منعا نهائيا، والسبب لأن الموظفين يجعلون من الإفطار وقتا يبددون ساعات الدوام. ويذكر صالح موقفا يتعرض له في كل مرة يتوجه فيها إلى المركز الصحي، إذ يقول: الدوام يبدأ من الثامنة صباحا لكن الموظفين يبدأون عملهم بعد التاسعة والربع وبعد أن ينتهوا من إفطارهم الجماعي. تقيد بالتعميم ويشاطره عمر محمد العبدالله، قائلا: هناك وقت للإفطار ثم هناك وقت يستقطع حتى قبل الوقت وهو وقت الصلاة وهناك وقت يبدد قبل نهاية الدوام الرسمي بساعة أو حتى ساعة ونصف بحجة أن الدوام شارف على النهاية فماذا يتبقى لإنجاز معاملات المراجعين، أنا ضد الإفطار أو حتى الأكل أيا كان نوعه في وقت الدوام الرسمي، وأعتقد أن هناك تعميما يمنع الإفطار الجماعي داخل مقار العمل، لكن هذا القرار لم يفعل. ويضيف محمد مسعود، قائلا: العمل أمانة ومن لا يحترم الأمانة لا يهمه إن كان يتناول إفطارا أو يتهرب خلف مقر العمل من أجل تناول حتى سيجاره ويظل يتهرب من وقت الدوام تحت أي عذر حتى ولو بالتنقل ذهابا و إيابا بين المكاتب. ويقول ممدوح صالح بغدادي: اعرف موظفا في إدارة خدمية لا يعمل ووظيفته الجلوس والتجول بين المكاتب حتى نهاية الدوام، ما هي وظيفته لا أحد يدري عدا أنه يتجول من موظف إلى موظف ومن طابق إلى طابق وعندما تلاحقه لكي يتم لك معاملتك يصرخ في وجهك ويردد لك قائلا: ليس من حقك أن تلاحقني عليك انتظاري في المكتب. ويختتم سعد مبروك الأحمدي هذا الموضوع بقوله: من المشاهد المألوفة في مثل هذه الإدارات، هو انسحاب الموظفين في لحظات الدوام الأولى من أجل الإفطار، ويستمر انسحابهم من وقت لآخر بحجج مختلفة حتى ينتهي الداوم ويعودون إلى بيوتهم.