ارتبط المتلقي منذ وقت مبكر بأسماء وبرامج إذاعية شكلت الذائقة أدبيا وثقافيا وإعلاميا، ولعل برنامج «من القائل» للأديب الراحل عبدالله بن خميس كان الأكثر تفاعلا ومتابعة من قبل المستمعين الذين ارتبط وجدانهم بالشعر، فضلا عن برنامج «من البادية» للراحل محمد بن شلاح المطيري. يقول الإذاعي الكبير بندر الدوخي الذي كان واحدا من أبرز الأصوات التي قدمت رومانسيات الشعر في الإذاعة منذ زمن طويل وفي برامج عدة كان معظم مواقيتها بعد منتصف الليل «عندما نتحدث عن ابن خميس لا بد أن نقول (الشيخ عبدالله)، فعبدالله بن خميس أستاذ جيلنا ومعلمنا الأكبر، وأذكر أننا كنا ونحن قادمين إلى العمل الإعلامي في مرحلة الشباب نسعد كثيرا ونحن نلتقي به ليس كزملاء بل كتلاميذ في حياض أدبه وشعره وإعلامه المرتبط بالأدب على نحو هو منه وفيه فهو ذلك الخلوق والأديب الذي يتقطر أدبا وجمالا تعاملا ولاتجد صوته معنا ونحن تلاميذه إلا منخفضا بسيطا تتعلم منه كيف يكون الأدب. وأضاف «عندما نزوره في بيته ومجلسه كان يحسسنا أننا كبار في مكانتنا وليس مجرد طلبة في مدرسته رحمه الله، شخصيا يعني لي عبدالله بن خميس الكثير الكثير فهو ذلك الطود وتلك الهامة التي ساهمت في تأسيس ذائقتي وحبي للإعلام منذ أن كان أول رئيس تحرير لجريدة «الجزيرة» وهي المكانة التي تلاه فيها أستاذنا فيصل الشهيل أيضا، ثم إن من بين ما أمتعنا به أستاذنا ابن خميس تحويل برنامجه الإذاعي «من القائل» إلى كتب متسلسلة، ولا ننسى أيضا كتابه الذي أرخ فيه لشعر راشد الخلاوي وكتابه عن «شعر الحرب»، وكتاب «بلادنا والزيت»، وهو عبارة عن كتابته مقالات اجتماعية واقتصادية ركزت على بلادنا والبترول، وكتابه الشهير «معجم اليمامة» من أشهر أدب الرحلات من جزءين كل جزء 650 صفحة، وحكايا «من أحاديث السمر»، إلى جانب مساهماته الأدبية مع أستاذنا الراحل حمد الجاسر في «مجلة العرب». وخلص الدوخي للقول: «أحب أن أنوه إلى أن الرجل من أدبه الجم كان كل ما نشب خلاف أو تطاول ألسنة بين بعض من رواد مجلسه تجده من يحل المشكلة قبل اكتمالها بعقله ووجاهته». ويقول المخرج الإذاعي عبدالرحمن المقرن المشارك في تأسيس إذاعة الرياض والذي عمل جل سنين عمره في إذاعة جدة، «كم تمنيت لو تزاملت مباشرة مع الراحل، فهو شاعر عظيم وأستاذ جيل، استطيع القول إنه أسهم بشكل كبير في إدخال الإذاعة إلى غير المدن.. أقصد الأرياف والقرى ومحيط الرياض مبكرا من خلال تناغمه مع إبداع الشعراء الشعبيين وغيرهم في برنامجه من القائل».