بلادنا حباها الله برجالات علم وأدب وشعر وثقافة، ووهبها الله مخزوناً من العلماء في كافة المجالات والتخصصات، منارات علم، شاركوا في نهضة وتقدم بلادنا المملكة العربية السعودية وساهموا في نشر الثقافة والأدب فحصلوا على الأوسمة العليا، كُرموا في حياتهم وبعد مماتهم، عبدالله بن محمد بن خميس من أولئك الذين نشروا الثقافة والعلم والأدب فحصدوا من الأوسمة المعنوية والمادية ما يستحقون. عرفته من خلال شعره وأدبه ونثره عرفته من خلال برنامجه الشهير من القائل وكان برنامجاً أقصد مدرسة في المعلومة النادرة وأسلوب الإلقاء والتفرد به، كان كثير من أرباب الأدب يحرصون على سماعه. ابن خميس له أسلوبه المتميز كتميز قامته وهيبته ووقاره وشموخه، له نبرات خاصة، كان يلقي بيت الشعر العربي الفصيح ويأتي بما يشبهه من الشعر النبطي ويقرأه بأسلوبه الخاص ويغير شيئاً بسيطاً من وزنه فلا تكاد تفرق بينه وبين الشعر العربي الفصيح، كان هذا البرنامج شبيهاً لبرنامج قول على قول الذي يقدمه حسن سعيد الكرمي من القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية في لندن في السبعينات الميلادية. لهذين البرنامجين أثرهما الواضح في حقبة كانت بأمس الحاجة لمثلهما فكانا مدرستين في الأدب نثراً وشعراً ومدرستين في الإلقاء استفاد منهما خلق كثير ومن الفأل الحسن أن مادة هذين البرنامجيين قد طبعتا في مجلدات وما زال أثرهما باقياً حتى الآن نسال الله ان يكونا صدقة جارية لصاحبيهما فرحم الله الأديبين الفاضلين. يقول عبدالله بن خميس في مقدمة الجزء الأول من كتاب من القائل (من القائل ندوة أدبيه ، تأخذ من كل معين قطرة، ومن كل روض زهرة، للمخاطب فيها فضل الاختيار وعليَّ الاجابة وتقديمٌها.. ففي أدبنا كنوز، وفي لغتنا أسرار، وفي فكرنا قمم.. تتمثل أحيانا في الكتاب، أو في المقال، أو في القصيدة.. وتتمثل أحيانا في بيت الشعر أو في الجملة، أو في المثل فتحتل من الكتاب واسطة العقد ومن المقال جوهرة التاج، ومن القصيدة بيت القصيد: فترتفع من مستوى الإبداع، والتكامل الفني إلى مستوى الإعجاز والإلهام). ويقول في ثنايا الكتاب في معرض جوابه لأحد الأسئلة الموجهة له وبرنامج (من القائل يشمل فنون الأدب كلها فستجده وقفا على طلاب المعرفة حفيا بسؤالاتهم ورسائلهم) وابن خميس بحر سواء في الشعر العربي أو النبطي ومدرسة في كليهما يُسأل عن هذا وذاك فيجيب الجواب الشافي الكافي فيسأل عن قائل: يالله ياوالي القدر يا بالقدار انت الذي مدات جودك لطيفة فيسند هذا البيت الى مقحم الصقري وهو شاعر شعبي ويسأله آخر عن قائل: وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطعُ أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أن ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالكافرين المضاجع فيجيب هذا البيت للصحابي الجليل عبدالله بن رواحة ويضيف أن لما سبق من أبيات بيت رابع وأعلم علما ليس بالظن أنني إلى الله محشور هناك فراجع فكتاب من القائل موسوعة شعرية عربيا كان أم نبطيا لا يستغني عنها أرباب حرفة الأدب ومحبيه فابن خميس كما قال رثَّاؤوه قامة سامقة في شعره وأدبه ونثره وأسلوبه المتميز ولونه الخاص بجزالة ألفاظه فهو القائل: شرفي ماعشت أني مسلم نسبي هذا وهذا مذهبي لست من بكين أستوحي الهدى إنما أبغي الهدى من يثرب رحم الله ابن خميس وجزاه الله عن الأدب وأهله ومحبي شعره ونثره وعلمه وفضله الجزاء الأوفى.