كنت أطالع السنة متأملا أخباره عليه الصلاة والسلام وقصص أصحابه رضوان الله عليهم معه فعثرت على قصة أخبر الأمة بها أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وهي قصة ثابتة رواها عنه الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه بسند صحيح قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه «عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه فقال ألا تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله إلي فقال يا عجبي ذئب يكلمني كلام الإنس فقال الذئب ألا أخبرك بأعجب من ذلك محمد بيثرب»، وفي رواية قال الذئب «رسول الله بين الحرتين يخبر الناس بأنباء ما قد سبق قال فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ثم أتى رسول الله فأخبره فأمر رسول الله فنودي الصلاة جامعة ثم خرج فقال للراعي أخبرهم فأخبرهم فقال رسول الله صدق والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده». قلت القصة التي في أول الحديث ثابتة ومن العلماء الذين حكموا بصحة الجزء الأول من الحديث «الشيخ شعيب الأرنؤوط حيث قال رجاله ثقات رجال الصحيحين، وصححه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وأما الجزء الثاني من الحديث والذي أوله لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل عذبة سوطه....... فصحيح رواه الترمذي وأحمد والحاكم وغيرهم، أحبتي القراء إن من الثابت المقطوع به أن للنبي عليه الصلاة والسلام معجزات آتاه الله إياها مع معجزة القرآن وهي كثيرة عدها بعض العلماء فأوصلها إلى أكثر من مائة وخمسين معجزة وبعض العلماء يسميها آية ويقول «لا نقول معجزة وإنما نقول آية لكون هذه هي التسمية الواردة في القرآن والسنة» وعلى كل حال فإن الذي يعنينا هنا أن الله سبحانه أيد حبيبه محمد بهذه الآيات ونصره بها كما كانت هذه الآيات من دلائل نبوته وكانت تسلية لأصحابه حيث إنهم كانوا مشتغلين بنصرته ويلقون في سبيل ذلك أذى كثيرا. إنك عند قراءتك هذا الحديث تلاحظ أخي الموفق أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر عن علامات من علامات الساعة وكان الصحب يتلقون تلك الأخبار منه بكامل التسليم والتصديق له صلى الله عليه وسلم مع أن عقولهم لم تدرك ذلك وفي هذا دليل على أن ذلك الجيل كله بلغ أصدق وأسمى منازل الإيمان واليقين. إننا ونحن اليوم نعيش إنجازات الإنسان التقنية في عالم الاتصالات لا نجد إشكالا في إدراك ما يشبه ما أخبر به النبي من أن فخذ الإنسان يخبره بما أحدث أهله بعده فإنه من المعلوم أن الإنسان يهاتف أهله بالصوت والصورة اليوم وهو بعيد عنه بآلاف الأميال والكيلومترات. ولعل كل داعية مبارك يمكنه أن يفيد من فهم هذا الحديث في دعوة كثير من الناس المكذبين برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المرتابين إلى التصديق بما جاء به رسول الرحمة والسلام. * المشرف العام على الدعوة والإرشاد في منطقة المدينةالمنورة [email protected]