استغرب مراجعو طوارئ مستشفى النور في العاصمة المقدسة من طوابير الانتظار للمرضى، ما دفع البعض منهم لافتراش الممرات في انتظار خلو سرير ليتمكن من تلقي العلاج وسط فوضى في التنظيم وعشوائية في تقديم الخدمات العلاجية. الكادر الطبي الموجود في الطوارئ لا يتناسب مع حجم الإقبال المنزعج من عدم وجود ما يخفف ألمهم ويعالج جرحهم ويتناسب مع حجم أكبر مستشفى في المنطقة، والتي لابد أن لا تتقارن مع مثيلاتها من المستشفيات بحكم أنها تولى اهتماما بالغا. «عكاظ» تلقت العديد من الاتصالات من أطباء وفنيين ومرضى يصرخون من سوء الخدمات في المستشفى والتي لا تتناسب مع حجمها، كذلك إغلاق عدد من الأقسام وقلة السرر في الطوارئ والعناية المركزة، إضافة إلى الهاجس الكبير في قسم الأشعة من مواعيد طويلة تستمر لأكثر من ستة أشهر. زيارتنا السرية برفقة ممرضة من الطوارئ بدأت من قسمها، حيث عند دخولنا مع بوابة الطوارئ أستوقفني أحد أفراد الحراسات وقال «على وين يالحبيب» فما كان بي إلا أن تمسكت بسرير أحد المرضى على أساس أنني قريبه، وعند وصولي إلى غرفة الطوارئ شاهدت وكأن الموجودين من كثرتهم كمصابي الحرب يفترشون الأرض والبعض ينتظر خلو سرير لكي يريح جسده التعب. يجلس أبو محمد على كرسي متحرك في الطوارئ «لي قرابة نصف ساعة أنتظر أن يوضع لي مغذ في الوريد لارتفاع درجة حرارتي بعد أن كشف علي الطبيب وأنا جالس على الكرسي المتحرك، وقال لي خذ هذه الورقة وتوجه إلى أحد الممرضين لكي يضع لك المحلول، إلا أن جميع السرر شاغرة في الطوارئ ولم أجد طريقة لكي أتلقى العلاج بسرعة أكبر». وأضاف «نعول على هذه المستشفى آمالا كبيرة في تقديم خدمات علاجية متميزة للمرضى والمراجعين، إلا أننا لا نعلم حاليا أسباب إخفاقها وما تعانيه من قلة السرر للعلاج في الطوارئ الذي لا يتجاوز 25 سريرا، بينما من المفترض أن تستوعب الطوارئ أكثر من 50 سريرا للرجال ومثلها للنساء لسد الحاجة وتخفيض الضغط الحاصل على أغلب المستشفيات في العاصمة المقدسة.ويقول محمد الزهراني (مراجع مع قريبة): أستغرب على مستشفى مثل النور أن يكون هذا التقصير في الطوارئ، المراجعون يقفون في طوابير طولها لبوابات الخروج ونحن الآن في فترة تعتبر أقل ضغط من موسمي رمضان والحج، والتي لا تعرف إلى أين سيصل عدد المرضى في الطوارئ، كما أنني ألاحظ أن عدد الأطباء لا يتناسب مع المرضى، حيث من المفترض أن يتم زيادة تناسبية لتغطية احتياج المواطن، خصوصا أن الحكومة تقوم بدعم الصحة بشكل سنوي لذلك من الواجب عليها أن تقدم خدمة توازي الدعم المقدم. ويعترض سامي الهذلي على تقيسم الطوارئ «سرير المريض بجوار المريضة ما يجعل إمكانية تقديم العلاج للنساء أصعب، خاصة وبجوارها رجل ما يدفعها لعدم الراحة في التحدث للطبيبة عن حالتها المرضية»، مضيفا: من المفترض أن يكون طوارئ النساء مستقلا، نظرا لوجود بعض الحالات التي تصل إلى الطوارئ في حالة حرجة فيتم مرورها وسط الرجال وقد يكون سرير الكشف عليها مجاورا لرجل، لذلك لا بد على المسؤولين في المستشفى أن يقوموا بعملية تنظيم لطوارئ بشكل عام. في قسم الأشعة أو ما يطلق عليه المرضى (قسم المواعيد الطويلة) حيث يتوجب الوقوف في طابور الانتظار المنزلي الطويل لأخذ موعد لإجراء أشعة رنين مغناطيسي، الأمر الذي يدفعهم إلى اللجواء للمستشفيات الخاصة، فيما البعض الآخر يرضخ لواقعة لعدم تمكنه من إجرائها. أبو فراس الحكمي (ستيني يتمتم بغضب في أروقة القسم): ستة أشهر وثلاثة أيام موعد لإجراء أشعة رنين مغناطيسي، بينما القسم خال من المرضى والمراجعين، متسائلا: هل يحتاج المواطن إلى ستة أشهر ليعرف مرضه ولماذا تعطى هذه المواعيد الطويلة. وأضاف «ننتظر التطوير من عدة سنوات، إلا أننا في كل عام نصطدم بواقع مرير لا يختلف عن سابقة فالمواعيد الطويلة لا تزال موجودة بالرغم أنه يتم الصرف على المستشفى، ولكن أتوقع أن هذه الصرفية فقط مقتصرة على الديكورات بينما ما يحتاجه المريض من خدمات غير متوفر». المستشفى التخصصي يعيش حالة من عدم الاستقرار خلال الفترة الحالية الأمر الذي ينعكس على جميع كادرها وزوارها، حيث من المتوقع أن تكون هناك عملية تطوير لجميع الأقسام، إلا أن ذلك أثر على استقبال المرضى وتقديم الخدمات العلاجية لهم. التنويم يحتاج المرض التنويم في المستشفى يحتاج إلى حالة مرضية تدخل مباشرة إلى غرفة العمليات أو واسطة لك يتمكن المريض من إجراء عملية الكسر أو الفتق أو غيرها من العمليات التي من الممكن أن تتأخر، فتجد المريض من مراجعة للعيادات الخارجية في ساحات المستشفى وبعد المواعيد الطويلة أو انتظار الاتصال إلى أن يوفر سرير في التنويم ليتمكن من الدخول وتلقي العلاج والراحة من الألم. ويعتبر الحصول على موعد مع طبيب أو معرفة أحد من موظفي المستشفى من مكاسب المراجع؛ لأنه سيتمكن من تلقي العلاج في الوقت المحدد له، حيث يقول ماجد الحربي «على المراجع للمستشفى أن يكون لديه معرفة مع أحد الموظفين ليساهم في تمكنه من الحصول على مواعيد لمراجعة عيادة الطبيب الذي بدوره يحول على قسم التنويم لتوفير السرير، وهنا أيضا لابد من تحريك الواسطة في توفير سرير داخل غرفة ليتمكن من إجراء عملية». وأضاف الحربي «أن المستشفى يطلب بتوفير 16 وحدة دم، أي بمعدل 16 شخصا يتبرعون بدمائهم، مما يشكل هاجسا آخر، إلا أنه إذا كان لذلك واسطة ستتجاوزها أو عليك بالدوران في حيك والاتصال على أصدقائك وأقاربك وطلبهم بالفزعة، لكي يتبرعوا بدمائهم وتتمكن من إجراء العملية. عيادة عكس الرياح عيادة الأسنان القسم الذي لا يزال يركض عكس الرياح بالرغم من التطوير المستمر له وإيجاد التقنيات التي تواكب التطور، إلا أن المواعيد الطويلة لا تنتهي ويعتبر من أكبر الأقسام إعطاء للمواعيد، حيث إن الموعد الواحد قد يصل إلى ثلاث سنوات عند تركيب التقويم بينما مواعيد الخلع تتراوح ما بين الشهر إلى ثلاث أشهر. وتتحدث أم يزن وهي بجوار صالة الانتظار للنساء «تلقيت اتصالا من المستشفى فاجئني وكنت قد فقدت الأمل، حيث إن ابني يعاني من اعوجاج في الأسنان وقمنا قبل ثلاث سنوات بطلب موعد لتركيب التقويم، حيث إننا انتظرنا خلال هذه الفترة وبعد طول الانتظار وصل الموعد»، مطالبة بوجود تفاعل أكثر مع المسؤولين في المستشفى وتقليل فترة الانتظار (من غير المعقول أن يتم الاتصال بعد ثلاث سنوات، حيث تعتبر مشكلة كبيرة ونأمل أن تطوير هذا الوضع إلى الأفضل». ويجد القادم إلى مستشفى النور معاناة جدا كبيرة في إيقاف سيارته، ما يضطره إلى البعد لمسافات بعيدة عن المستشفى لإيقاف سيارته؛ نظرا لأن موقع المستشفى ليس بجواره أي مواقف مخصصة للزوار وبالتالي يضطر العديد من الزوار إلى ركن سياراتهم بشكل مزدوج بجوار المستشفى، مما يسبب إرباكا في الحركة المرورية، خصوصا وقت الذروة، ويصعب على قائدي الإسعافات أو من يأتي من الأشخاص ومعه مريض من الدخول نتيجة الازدحام المروري الذي يكون عادة أمام بوابات المستشفى. وطالب العديد من الزوار بضرورة وضع حلول ناجعة لمعضلة عدم وجود مواقف مخصصة، واقترحوا أن تكون الأرض الفضاء التي بجوار المستشفى مواقف لمركباتهم، وأقترح أحدهم أن يتم إنشاء مواقف ذكية كتلك التي تشاهد في دولة الإمارات، حيث لا تحتاج إلى مساحات كبيرة لإنشائها. وقال معروف السعيدي «قد أكون من أكثر الناس تضررا وتضجرا؛ كوني أزور المستشفى أسبوعيا لمتابعة الجلسات الطبية لمرضي والممتد لعدة أشهر، ففي بعض الأوقات أضطر إلى الانتظار إلى ما يقارب نصف الساعة لكي أتمكن من الحصول على موقف لسيارتي وهذا الأمر يتسبب في تأخر علاجي؛ فضلا على أنني أتضجر وبشدة من هذا الأمر، وأطالب المسؤولين عن هذا الأمر بسرعة وجود حلول لقضية عدم إنشاء مواقف للسيارات، خصوصا أن هناك أرضا فضاء قريبة من المستشفى أتمنى أن يتم استغلالها وإنشاء مواقف فيها للسيارات». واقترح المواطن فايز اللحياني أن توجد مواقف ذكية يتم إنشاؤها بجوار المستشفى أو داخلها، ويتم استغلال المساحات الخالية بوضع تلك المواقف الذكية التي تتسع للكثير من السيارات بداخلها وقال «كنت في رحلة عمل إلى الإمارات وشاهدت تلك المواقف الذكية تقبع فوق الأرصفة بجوار المجمعات الحكومية والخاصة، وهي عبارة عن مواقف يتم إنشاؤها بالحديد وتكون بعدة طوابق، حيث يتم إدخال السيارة ورفعها إلى مكانها المخصص أوتوماتيكيا ويعطى صاحبها رقما يتم بواسطة أخذ مركبته مقابل مبلغ زهيد، وهذه أفضل الحلول الناجعة لقضية مواقف السيارات لمستشفى النور، حيث إن موقع المستشفى لا يسمح بإنشاء مواقف مخصصة للسيارات سوى هذا المقترح وهو إنشاء المواقف الذكية». تبرير منطقي وأمام هذه الملاحظات من المرضى وما رصدته «عكاظ»، رد الناطق الإعلامي في الشؤون الصحية في العاصمة المقدسة فائق حسين، أن مستشفى النور يخضع حاليا إلى برنامج تطوير للبنية التحتية وإغلاق معظم الأقسام وهذه الملاحظات تعود إلى التطوير، مضيفا أنه خصص ميزانية تبلغ 160 مليون ريال لتطوير المستشفى، بدأ العمل بها منذ مطلع العام الجاري، ومن المتوقع الانتهاء قبل موسم رمضان.