ماذا يعني أن يكون ضمن تاريخ الصين الحديث الذي أبهر العالم بمخرجاته فترة زمنية يعبرون عنها بحقبة «الجيل الضائع»؟. حتى نفهم الجواب لابد من فهم التجربة الصينية في صناعة الإنسان التي توجتها في 60 عاما بما نراه أمامنا بارتفاع معدلات الناتج القومي والإنفاق على الأبحاث وبراءات الاختراع المسجلة والصادرات وغيرها... حتى أصبحت عبارة: صنع في الصين، مألوفة للعالم أجمع. قبل 45 عاما كانت حقبة الظلام تخيم على الصين بسبب «الثورة الثقافية» التي انطلقت متأثرة بالمد الماركسي وغلبة الجيش الهادر الذي تحكم بالمصانع وأغلق المدارس والجامعات وأرسل الشباب والعلماء إلى الأرياف ليتعلموا من الفلاحين، فتعطلت في تلك الفترة أحلام المستقبل، وأصبح أكثر من مليوني جامعي طاقات معطلة خلدت اسمها ضمن خانة الضياع، فلا صوت يعلو آنذاك فوق هدير المدافع تحت راية المنجل والمطرقة، وغدا الصينيون آنذاك بلا هدف أو طموح وبالتالي دون إنتاج. لاحظوا أني أتحدث عن 45 عاما فقط، من بعدها تغيرت بوصلة الصين في عام 1978 إلى أوجه الانفتاح في أربعة مجالات محددة: الصناعة والزراعة والدفاع والتقنية لتصبح في غضون أعوام قوة لا تهزم في تلك المجالات، وإن أردتم المزيد مما يصيبنا في مقتل، أقول: عندما تأسست جمهورية الصين الشعبية على يد ماوتسي تونغ في 1949، كانت نسبة الأمية تبلغ 80 في المائة من السكان، وهي الآن تصدر العقول لبقية الدول فلا تطأ أرضا إلا وجدت للصينيين حضورا نافذا وفاعلا فيها في عمر زمني قصير جدا. الجانب المشرق في التجربة الصينية ليس في كسر قالب الزمن الثلجي فقط، وإنما في رسم معالم المستقبل الذي يؤكد إلى أن الاقتصاد الصيني سيتجاوز الاقتصاد الأمريكي ليصبح الأول عالميا في عام 2020، لاحظوا مرة أخرى قيمة البعد الزماني عندما نتحدث عن تسع سنوات فقط، وفي هذه الحالة يمكننا إعادة صياغة السؤال: ماذا يعني أن يكون 80 في المائة من شعبك قبل 60 عاما «أميين»، ثم تصبح دولتك الأولى في العالم اقتصادا ومعرفة؟. قد تكون الإجابة مؤلمة لعالم صغير يضمنا معشر العرب، والمعلومة الأكثر ألما حينما نعلم أن معدل البطالة في الصين بلغ في يونيو 2010 «4.3 في المائة» وفي أمريكا «9.5 في المائة»، لاحظوا هنا أننا نتكلم عن شعب تعداده يفوق المليار نسمة!. التجربة الصينية جديرة بالتأمل، لأنها «تقلب المواجع» وبرهان أكيد على أن الزمن لا يعترف بالخطب الرنانة، وإنما ب «عرفت فالزم». [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة