أكد صاحب الإثنينية عبدالمقصود خوجة أن الأديب والشاعر حمزة شحاتة نثر كنانة مواهبه باكرا، ونهل من علوم عصره، وما كان متاحا لنظرائه في النصف الأول من القرن ال 20، وربما كان أقل حظا من غيره في الإلمام باللغات الأجنبية، إلا أنه استطاع ببصيرة العارف أن يهضم ما قرأ، ويتمثله مليا، ثم يفرزه شعرا محلقا في عليائه، ونثرا بارعا في تصوراته. وقال خوجة في ليلة احتفالية الإثنينية بمئوية حمزة شحاتة: إن وقفة «الذكرى المئوية» ليست غريبة على ثقافات الشعوب المختلفة، فالعظماء لا يمرون أمامنا كل يوم، وعليه فإن الاحتفاء بهم أحياء وأمواتا يظل هاجسا ملازما للتطور الحضاري والفكري للأمم التي ينطوي ماضيها وحاضرها، وأملها في المستقبل على ركيزتي التراث والمعاصرة». وأكد أن الراحل شحاتة كان وطنيا حتى النخاع، أحب وطنه بكل مكوناته وألوان طيفه، ومنحه من دفق العاطفة ما اختلط بذرات كيانه في كل مراحل حياته، موضحا أنه جاء من خارج الزمن فاحتضنته مكة التي كانت حفية بالعلماء والأدباء والشعراء من كل أصقاع العالم الإسلامي، فكان النبتة الصالحة في الأرض الخصبة المعطاء، وعندما ضاقت عليه قنوات التواصل، آثر الهجرة إلى أرض الكنانة، فوجد ضالته في دوائر معارفها الكبيرة، ووسائل اتصالاتها المتعددة، وما تعج به من منتديات، ومسارح، وصحف، وإذاعات، وغيرها من فنون وآداب، فانطلق خفيفا يحث الخطى في مضمار العطاء الرحب، حاملا حب الوطن في عينيه حلا وترحالا.. إلى أن وافته المنية في القاهرة عام 1392ه (1972م)، ودفن في مكة. وأعلن خوجة عن إصدار الأعمال الكاملة للأديب والشاعر الراحل حمزة شحاتة في ثلاثة مجلدات، رصدت شعره في المجلد الأول، والأخريين لما كتبه من نثر، مشيرا إلى أنه أول علم لم شتات المنجز الشعري والأدبي للراحل، لاسيما أنه لم يكن مهتما بحفظ منجزه الإبداعي بشكل منهجي، فتناثر عطاؤه وبقي راكدا في مظان مختلفة. وأضاف خوجة: «لم يكن حفيا بما يكتب وقد أثبت ذلك بقوله: (لم أكن راضيا قط، عن أثر من آثاري الأدبية بعد تأمله، ولذلك لم أفكر في جمع هذه الآثار)، كان يعتقد في قرارة نفسه أنه لم يصل بعد إلى حقيقة «الشعر» كما يفهمه ويقدره حق قدره، لذا كان يطلق فراشاته تسرح وتمرح كيف تشاء، وتنام حيث أنهكها التعب، لا يلقي لها بالا، أو يجهد نفسه في البحث عن مهاجعها الأبدية، وهكذا كان أمر جمع أعماله الكاملة أصعب مما يتصور الكثيرون، وتبقى يد الله فوق الجماعة، فتكللت بالنجاح بحمد الله الجهود التي بذلها أساتذة أفاضل».