أقامت الإثنينية أمسية خاصة عن الراحل حمزة شحاته رحمه الله تحدث فيها نخبة من الاساتذة وإلى جانب استعراض أعماله الكاملة التي نشرتها الإثنينية ضمن سلسلة (كتاب الإثنينية).وقال صاحب الإثنينية عبدالمقصود خوجة. نثر كنانة مواهبه باكراً، ونهل من علوم عصره، وما كان متاحاً لنظرائه، في النصف الأول من القرن العشرين، وربما كان أقل حظاً من غيره في الإلمام باللغات الأجنبية.. إلا أنه استطاع ببصيرة العارف أن يهضم ما قرأ، ويتمثله ملياً، ثم يفرزه شعراً محلقاً في عليائه، ونثراً بارعاً في تصوراته.. إنه فارس أمسيتنا الغائب الحاضر، الشاعر والأديب الكبير حمزة شحاتة “رحمه الله”.. وهي أمسية على غير العادة تحتفي بعطاء من رحل عنا إلى دار البقاء، إلا أنها تأتي مواكبة للذكرى المئوية لميلاده (1392ه /1910م). إن وقفة “الذكرى المئوية” ليست غريبة على ثقافات الشعوب المختلفة، فالعظماء لا يمرون أمامنا كل يوم.. وعليه فإن الاحتفاء بهم أحياء وأمواتاً يظل هاجساً ملازماً للتطور الحضاري والفكري للأمم التي ينطوي ماضيها وحاضرها، وأملها في المستقبل، على ركيزتي التراث والمعاصرة، اللتين لا غنى عنهما في حال ومآل العمل الفكري والثقافي.. وهي وقفات تمثل ذكريات عطرة، وإشارات وفاء،ومناهل تأمل مستفيض في أي إرث حضاري ينبغي أن يظل نابضاً بالحياة رغم كل شيء.. كما أنها مصادر إلهام للشباب يلتمسون منها النور الذي يضيء مكامن الإبداع في نفوسهم، ويعود بهم من دوائر التغريب إلى واقع جميل كان وسيظل جزءاً من تركيبتهم الثقافية والفكرية. وقال خوجة لقد كان شاعرنا الكبير، وأديبنا الفذ - الذي رضع الفلسفة من أمهات الكتب - وطنياً حتى النخاع، أحب وطنه بكل مكوناته وألوان طيفه، ومنحه من دفق العاطفة ما اختلط بذرات كيانه في كل مراحل حياته.. ومن ذلك الحب الطاغي استطاع أن يقف أمام فطاحل الأدباء ليلقي محاضرته الشهيرة في مكةالمكرمة بعنوان “الرجولة عماد الخلق الفاضل”، فضج بها المجتمع واحتفى بمبدعها الذي كان في شرخ الشباب، لكن ثقته بنفسه دفعت به إلى منصة كان يهابها كبار الأدباء والشعراء، ذلك أن للكلمة مسؤوليتها الباقية أبد الدهر ما إن تخرج من صدر قائلها إلى أثير العالم الواسع، وهكذا بقيت تلك المحاضرة الفذة تأتلق إلى أن تحولت إلى كتاب يرسل شعاع الكلمة جيلاً يعد جيل. وقال خوجة جاء فارس أمسيتنا “رحمه الله” من خارج الزمن، ومن حسن الطالع أن احتضنته مكةالمكرمة التي كانت حفية بالعلماء والأدباء والشعراء من كل أصقاع العالم الإسلامي.. فكان النبتة الصالحة في الأرض الخصبة المعطاء.. وعندما ضاقت عليه قنوات التواصل، آثر الهجرة إلى أرض الكنانة، فوجد ضالته في دوائر معارفها الكبيرة، ووسائل اتصالاتها المتعددة، وما تعج به من منتديات، ومسارح، وصحف، وإذاعات، وغيرها من فنون وآداب.. فانطلق خفيفاً يحث الخطى في مضمار العطاء الرحب، حاملاً حب الوطن في عينيه حلاً وترحالاً.. إلى أن وافته المنية بالقاهرة عام 1392ه/1972م، ودفن في مكةالمكرمة، رحمه الله رحمة الأبرار. لقد استغرق التخطيط لهذه الأمسية وقتاً ليس بالقصير، ومما وفقنا المولى عز وجل في القيام به لهذه المناسبة، إصدار (الأعمال الكاملة للأديب الكبير الأستاذ حمزة شحاتة) في ثلاثة مجلدات، تم رصد شعره في المجلد الأول، والآخرين للنثر.. وهو أول عمل يلم شتات المنجز الشعري والأدبي للراحل المقيم.. لا سيما وأنه لم يكن مهتماً بحفظ منجزه الإبداعي بشكل منهجي.. فتناثر عطاؤه وبقي راكداً في مظان مختلفة.. لم يكن حفياً بما يكتب وقد أثبت ذلك بقوله: (لم أكن راضياً قط، عن أثر من آثاري الأدبية بعد تأمله، ولذلك لم أفكر في جمع هذه الآثار).. كان يعتقد في قرارة نفسه أنه لم يصل بعد إلى حقيقة “الشعر” كما يفهمه ويقدره حق قدره.. لذا كان يطلق فراشاته تسرح وتمرح كيف تشاء، وتنام حيث أنهكها التعب، لا يلقي لها بالاً، أو يجهد نفسه في البحث عن مهاجعها الأبدية.. وهكذا كان أمر جمع أعماله الكاملة أصعب مما يتصور الكثيرون، وتبقى يد الله فوق الجماعة، فتكللت بالنجاح بحمد الله الجهود التي بذلها أساتذة أفاضل، وقال خوجة لن أتحدث عن فارس أمسيتنا حديث العارف، فلم أكن ممن جايله واحتك به احتكاك الصديق، رغم علمي الأكيد بما أنجز وقدم لأمته، فقد سعدت بلقائه عدة مرات عندما كنت في بيروت، وأثناء وجودي بالمملكة حضرت مجالسه مع الشيخ محمد عمر توفيق بمكةالمكرمة، أو مع شقيقه محمد نور شحاتة، وأثناء مروري بالقاهرة كنت أقابله في “ذهبية” معالي الشيخ إبراهيم فودة، “رحمهم الله” أو مع الأستاذ عبدالله عبدالجبار .. وقد رأيت من المناسب أن تتحول هذه الأمسية إلى ما يشبه “ورشة العمل” فهي “اثنينية” مختلفة وذات خصوصية، إذ يتناول كل من المتحدثين الأفاضل محوراً معيناً يلقي من خلاله الضوء على بعض مآثر أستاذنا الكبير “رحمه الله”، وبهذا يكون التوثيق عملياً بصورة أشمل، ويتم استثمار الوقت بشكل أفضل وقال الدكتور عبد الله مناع في كلمته أن معركة الشاعر حمزة شحاتة مع محمد حسن العواد بدأت منذ ايام دراسته في مدرسة الفلاح التي كان يدرس بها الأستاذ العواد الأدب واللغة والإنشاء ، لم يعرف أحد اسبابها ، والأستاذ عزيز ضياء وقد كان على الحياد أنكر معرفته بأسبابها، بينما قال الشاعر محمود عارف ربما تكون قصيدة حمزة شحاتة سطوة الحسن: بعد صفو الهوى وطيب الوفاق عزّ حتى السلام عند التلاقي وربما كانت باسباب تلك الملاحظات التي كان يبديها العواد على شعر حمزة شحاتة وقد كان يعرضه عليه للإطلاع فكان أن عمد الشحاتة إلى تضمين قصائده التي يعرفها بعض الغمز، واكتشف العواد ذلك لتبدأ المعركة الأدبية. حمزة شحاتة كان شاعر عاطفة ووجدان وتأمل أو كما قال عنه الأستاذ الكبير أحمد عبد الجبار (بأنه يقف على نقطة الالتقاء او خط التماس بين الفلسفة والأدب ) والحقيقة أن تلك المعركة من وجهة نظري كانت وكأنها ( حلبة ميلاد شاعر حقيقي جديد ليس أكثر)